للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَيْمَانِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانَةَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَابِ، وَمِمَّنْ يَجِبُ أَنْ تُحَلَّفَ لَيْلًا، وَأَنَّ الْقَائِمَ بِالْيَمِينِ عَلَيْهَا مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَكَانُهَا: فَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ وَجَمِيعُ مَشَايِخِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي اسْتِحْلَافِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ أَوْ قَطَعُوهُ بِأَيْمَانِهِمْ كُلِّ أَمْرٍ لَهُ بَالٌ أَوْ بَلَغَ رُبُعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، فَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَعِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

تَنْبِيهٌ: وَذَلِكَ إذَا أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ قَالَهُ مُؤَلِّفُ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ مِنْ الْبُلْدَانِ فَفِي مَسْجِدِهِمْ الْأَعْظَمِ حَيْثُ يُعَظِّمُونَ مِنْهُ عِنْدَ مِنْبَرِهِمْ أَوْ تِلْقَاءَ قِبْلَتِهِمْ. وَفِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ: يُحَلَّفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَفِيمَا يَبْلُغُ رُبُعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا عِنْدَ الْمِنْبَرِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَالِكٌ لَا يَرَى الِاسْتِحْلَافَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَلَا فِي مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَمَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْمِنْبَرِ وَالْحَلِفِ عِنْدَهُ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِحُرْمَةِ مَوْضِعِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا لِحُرْمَتِهِ فِي نَفْسِهِ، إذْ لَوْ نُقِلَ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ سِوَاهُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تُنْقَلْ الْيَمِينُ مِنْ مَوْضِعِهَا إلَى حَيْثُ الْمِنْبَرُ، بِخِلَافِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ مِحْرَابِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ زِيدَ فِي قِبْلَتِهِ فَبَقِيَ الْمِنْبَرُ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمِنْبَرَ فِي مَكَانِهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ عِنْدَ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي الْمِحْرَابَ الَّذِي فِي الْقِبْلَةِ، وَنِسْبَةُ ذَلِكَ الْمِحْرَابِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنِسْبَةِ جَمِيعِ الْمَسْجِدِ إلَيْهِ، فَيُقَالُ مَسْجِدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَلِكَ قَالُوا: إنَّ الصَّلَاةَ تُضَاعَفُ فِيمَا زِيدَ فِيهِ كَمَا تُضَاعَفُ فِي الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ، وَلَمَّا زَادَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَسْجِدِ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ نَقَلَ مَحَلَّ الْإِمَامِ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَكَانَ فِيهَا مِحْرَابٌ، وَاسْتُشْهِدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ الْمِحْرَابِ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَهُ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ أَيْضًا وَانْتَقَلَ مَحَلُّ الْإِمَامَةِ إلَى الْمِحْرَابِ الَّذِي فِي الْقِبْلَةِ الْآنَ وَهُوَ مِحْرَابُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ فِي أَيَّامِ مَالِكٍ يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي مِحْرَابِ عُثْمَانَ فَلَمَّا قَلَّ النَّاسُ رَجَعُوا إلَى مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي بَيْنَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَالْمِنْبَرِ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ فَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ قَالَ مَالِكٌ يُحَلَّفُ بِمَكَّةَ عِنْدَ الرُّكْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>