للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ حَيْثُ كَانُوا، وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ اللَّيْثِيُّ فَإِنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّيْثَ يَقُولُ بِهِ، وَيُحْكَى عَنْ قَاضِي الْجَمَاعَةِ ابْنِ بَشِيرٍ الْأَنْدَلُسِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الَّذِي كُنْت أَعْرِفُهُ مِنْ وَالِدِي، أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ إلَى الْقَاضِي، إنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُوصَلُ إلَى الْإِكْثَارِ فِيهَا مِنْ الشُّهُودِ، وَكَانَ الْأَمْرُ مَشْهُورًا عِنْدَ النَّاسِ، أَوْ كَانَ كِتَابًا قَدِيمًا قَدْ مَاتَ شُهُودُهُ إلَّا وَاحِدًا مُبَرِّزًا، فَكَانَ يَرَى أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.

وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ، وَقُضَاتُنَا لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ، وَإِنِّي مُتَوَقِّفٌ عَنْ الِاخْتِيَارِ فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَمَنْ صَحَّ نَظَرُهُ فِي أَحْوَالِ النَّاسِ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ أَنْ يَقْضِيَ إلَّا بِالشَّاهِدِ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ.

قَالَ الرُّعَيْنِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ وَيَحْكُمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي كُلِّ حَقٍّ يَدَّعِيهِ الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ أَيِّ السِّلَعِ، كَانَ مِنْ دُورٍ أَوْ أَرْضِينَ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ ثِيَابٍ، أَوْ طَعَامٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ، أَوْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ مُقَارَضَةٍ، أَوْ جُعْلٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ سَلَفٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ تَعَدٍّ أَوْ هِبَةٍ لِلَّهِ - تَعَالَى - أَوْ لِلثَّوَابِ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ إخْدَامٍ أَوْ صَدَاقٍ أَوْ صُلْحٍ مِنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ جِرَاحَةٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ، أَوْ تَبَرٍ مِنْ عَيْبٍ وَرِضًى بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنْ غَيْرِ تَبَرٍ، أَوْ وَكَالَةٍ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، مِمَّا يَكُونُ مَالًا أَوْ يَئُولُ إلَى مَالٍ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا، وَحَلَفَ مَعَهُ أَخَذَ مَا ادَّعَى، وَيَثْبُتُ فِي الْقَتْلِ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الْقَسَامَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الرُّعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ فِي حَبْسٍ يُرِيدُ عَلَى مُعَيَّنِينَ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِصَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى مُعَيَّنِينَ حَلَفُوا مَعَ شَاهِدِهِمْ، وَاسْتَحَقُّوهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ، حَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَبَرِئَ، فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ، قَالَ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ أَوْ الْحَبْسُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، فَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَحْلِفُ الْكُلُّ مَعَهُ وَيَنْفُذُ لِجَمِيعِهِمْ.

وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ حَلَفَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ نُفِّذَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْحَابِهِ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَكُونُ فِي الْمُشَاتَمَةِ، مَا عَدَا الْحُدُودَ فِي الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>