للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً نُظِرَ إلَى أَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَحُكِمَ بِهَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ عُرِضَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِهِ لِلْحَالِفِ، فَإِنْ حَلَفَا قَسَمَهُمْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَا تُرِكَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي أَيْدِيهِمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ، مِثْلَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا سَوَاءٌ، حَيْثُ قُلْنَا يُقْسَمُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى، فَإِنْ كَانَ بِأَيْدِيهِمَا فَقِيلَ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى، وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحِيَازَةِ، إلَّا أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بَعْدَ حِيَازَتِهِ.

وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِسْمَةِ عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ جَمِيعَهُ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحِصَصُ الْمُدَّعَى بِهَا كَعَوْلِ الْفَرَائِضِ، وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّعَاوَى فَإِنَّمَا يُقْسَمُ مَا اشْتَرَكُوا فِيهِ فِي الدَّعْوَى، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ أَمَّا مَا اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُهُمَا فَلَا يُقَاسِمُهُ فِيهِ الْآخَرُ.

فَلَوْ تَدَاعَيَا فِي دَارٍ مَثَلًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَهْمَانِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ تُقْسَمُ أَرْبَاعًا لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ، مِنْ ابْنِ رَاشِدٍ.

وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً وَتَسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ رُجِّحَ جَانِبُ الَّذِي بِيَدِهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ حَائِزًا، فَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عِنْدَ التَّكَافُؤِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْتَفِعُ الْحَائِزُ بِبَيِّنَتِهِ وَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» ، فَخَصَّ الْبَيِّنَةُ بِالْمُدَّعِي.

فَرْعٌ: فَإِنْ نَكَلَ الْحَائِزُ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَقَرَّ عَلَى يَدِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ.

فَرْعٌ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَرْجَحَ قُدِّمَتْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا اعْتِبَارَ لَهَا مَعَ الْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ، ثُمَّ هَلْ يَحْلِفُ الْخَارِجُ لِأَجْلِ اقْتِرَانِ الْيَدِ وَالْبَيِّنَةِ قَوْلَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>