للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثِ: اشْتِمَالُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادَةِ تَارِيخِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ سَبَبِ مِلْكٍ مُرَجَّحٍ، مِثْلَ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى لِلْآخَرِ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ. وَأَمَّا سَبَبُ الْمِلْكِ فَمِثْلَ أَنْ تَذْكُرَ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ نِتَاجٍ أَوْ زِرَاعَةٍ وَتَكُونَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى مُطْلَقَةً لَا تَذْكُرُ سِوَى مُجَرَّدِ الْمِلْكِ، فَإِنَّهُ يُرَجِّحُ مَنْ ذَكَرَ السَّبَبَ.

تَنْبِيهٌ: حَكَى الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ (الْإِحْكَامِ فِي تَمْيِيزِ الْفَتَاوَى عَنْ الْأَحْكَامِ) فِي السُّؤَالِ السَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ: أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً.

فَرْعٌ: إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِيَّتِهِ بِالْأَمْسِ مَثَلًا، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ، حَتَّى يَقُولُوا: وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ لَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ، وَلَا تَصَدَّقَ وَيُقْضَى لَهُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سُؤَالِهِمْ، وَإِنْ وُجِدُوا سُئِلُوا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا مَا عَلِمُوهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا تَصَدَّقَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ. اُنْظُرْ تَمَامَ الْمَسْأَلَةِ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لِخَصْمِهِ مُنْذُ كَذَا بِهَذَا الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلشُّهُودِ بِهِ، وَيُكْتَفَى بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ الشُّهُودُ وَلَا نَعْلَمُ خُرُوجَ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِقْرَارِ مُسْتَصْحَبٌ، فَعَلَيْهِ بَيَانُ صِحَّةِ مَا يَدَّعِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِشِرَاءٍ مِنْ الشُّهُودِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْإِمْلَاكِ.

فَرْعٌ: وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِلْكًا بِالْأَمْسِ لِخَصْمِي، فَذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ لِخَصْمِهِ، فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ كَالْفَرْعِ السَّابِقِ.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ اشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَدْ حَصَلَ زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>