للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمُوتَ الْمُدْمَى قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بُرْؤُهُ فَيُسْجَنُ حِينَئِذٍ الْمُدْمَى عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَدْلَ يُسْجَنُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ بِهِ عَمَلٌ وَلَا قَضَاءٌ.

فَرْعٌ وَتَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الشُّهُودُ جِرَاحًا وَلَا أَثَرَ ضَرْبٍ، وَإِنَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ قَوْلَهُ وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِهَا الْحُكْمُ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ. فَرْعٌ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ: أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وُجِّهَتْ الْقَسَامَةُ مَعَ قَوْلِهِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْسِمُ مَعَ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.

مَسْأَلَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَارِيخِهِ وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى يَرَى السَّجْنَ عَلَى مَنْ أَدْمَى عَلَيْهِ وَيُفْتِي بِهِ حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ بِهِ فَرَجَعَ عَنْ فَتْوَاهُ بِذَلِكَ.

وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ أَلَّفَ أَخْبَارَ فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ شَيْخَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ زَرْبٍ وَشَيْخَ الْفَقِيهِ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرِهِمَا كَانَ لَهُ حَقْلٌ يُجَاوِرُهُ حَقْلُ جَارِهِ، وَكَانَ حَرِيصًا أَنْ يُضِيفَ حَقْلَ جَارِهِ إلَى حَقْلِهِ فَاحْتَالَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِكُلِّ حِيلَةٍ وَاسْتَعْمَلَ كُلَّ وَسِيلَةٍ فَأَبَى صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجِبْهُ إلَيْهِ، إلَى أَنْ اعْتَلَّ وَمَرِضَ فَجَاءَهُ اللُّؤْلُؤِيُّ زَائِرًا مُسْتَعْطِفًا مُحْتَفِيًا بِهِ فَأَظْهَرَ لَهُ الرَّجُلُ السُّرُورَ بِعِيَادَتِهِ وَالشُّكْرَ عَلَى مُشَارَكَتِهِ، وَأَظْهَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَطْمَعَ اللُّؤْلُؤِيَّ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي ذَلِكَ الْحَقْلِ، فَكَلَّمَهُ فِيهِ وَرَغَّبَ إلَيْهِ فِي تَصْيِيرِهِ لَهُ بِمَا رَسَمَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ فَأَظْهَرَ لَهُ الْإِسْعَافَ لَمَّا رَأَى مِنْهُ الْإِلْحَافَ.

وَقَالَ لَهُ أَشْهِدْ عَلَيَّ بِذَلِكَ مَنْ شِئْت مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنْ أَسْتَقِلَّ فَتَبْلُغَ مَا تُحِبُّهُ فَسُرَّ اللُّؤْلُؤِيُّ بِذَلِكَ، وَجَاءَ بِعِدَّةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَصْحَابِهِ وَأَدْخَلَهُمْ عَلَيْهِ وَإِذَا بِهِ قَدْ أَظْهَرَ انْهِدَامَ الْقُوَّةِ وَضَعْفَ النُّطْقِ فَدَنَا الْفَقِيهُ وَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ أَشْهِدْ الْفُقَهَاءَ حَفِظَهُمْ اللَّهُ عَلَى بَيْعِك مِنِّي الْحَقْلَ فَقَالَ لَهُمْ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ الْفَقِيهَ اللُّؤْلُؤِيَّ هَذَا قَتَلَنِي مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِي وَأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِدَمِي، فَإِنْ حَدَثَ بِي مَوْتٌ اسْتَقِيدُوا مِنْهُ لِي فَفِي عُنُقِهِ دَمِي، وَأَنْتُمْ رُهَنَاءُ بِالصِّدْقِ عَنِّي فَدَهِشَ الْفَقِيهُ وَمَنْ مَعَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ يَسْتَثْبِتُ ذِهْنَهُ وَيُذَكِّرُهُ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَيُخَوِّفَهُ اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>