مَسْأَلَةٌ اُخْتُلِفَ هَلْ تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى، أَوْ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الدَّعْوَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ بَعْدَ إثْبَاتِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ فِيمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ.
وَفِي الطُّرَرِ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنْ لَا يَمِينَ فِي الشَّكِّ، يَعْنِي إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى مُحَقَّقَةً، اُنْظُرْهَا فِي مَسْأَلَةِ رَدِّ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ.
مَسْأَلَةٌ الْأَيْمَانُ فِي التُّهْمَةِ لَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَحْقِيقَ فِيهَا وَلَا قَطْعَ، بَلْ هِيَ ظَنٌّ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ؛ لِأَنَّهُ حَابِسٌ نَفْسَهُ.
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْكِتَابِ، وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ أَيْمَانَ التُّهَمِ فِي رَدِّهَا اخْتِلَافٌ وَاَلَّذِي فِي الرِّوَايَةِ يُحْتَمَلُ، وَالصَّوَابُ أَنْ لَا تُرَدَّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ، كَمَا إذَا قَامَ الصَّغِيرُ شَاهِدًا بِذِكْرِ حَقٍّ لِأَبِيهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ إذَا كَبِرَ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَأَصْحَابُهُ: كُلُّ مَا كَانَ مِنْ دَعْوَى مَنْصُوصَةٍ قَطَعَ الْمُدَّعِي بِأَخْذِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِذَلِكَ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، مَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا مِنْ يَمِينِ تُهْمَةٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ شَدَّدَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ مِنْ الْحَبْسِ أَوْ غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: إذَا لَمْ يُحَقِّقْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اتَّهَمَهُ بِخِيَانَةٍ وَشَبَهِهَا وَلَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ، فَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَّهَمَ فِي دِينِهِ بِاسْتِحْلَالِ مَا لَا يَحِلُّ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُونَ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالْعَدَاءِ مَحْمُولُونَ عَلَى الْعَافِيَةِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهَا.
مَسْأَلَةٌ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَعَلَى الْمَلَاءِ حَتَّى يَثْبُتَ الْفَقْرُ، وَعَلَى الْحُرِّيَّةِ حَتَّى يَثْبُتَ الرِّقُّ، وَعَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَثْبُتَ الْكُفْرُ، وَعَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْجُرْحَةُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَالْغَالِبُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَيَاةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَوْتُ، قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute