للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ فَإِذَا أَبْرَأَ الرَّجُلُ بَعْضَ وَرَثَتِهِ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَقَامَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ يُرِيدُونَ تَحْلِيفَ الْمُبْرَأِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ عِنْدَهُ شَيْئًا، فَلَا يَمِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ الْمُتَوَفَّى أَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَخَلَفَهُ عِنْدَهُ، فَلَهُمْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ، وَلِلْمُبْرَأِ رَدُّهَا عَلَيْهِمْ.

مَسْأَلَةٌ وَفِي الْمُقْنِعِ فِي بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَمَرْوِيُّ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي شَرِيكَيْنِ فِي زَرْعٍ اشْتَغَلَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ فَحَصَدَ الْآخَرُ وَأَنْفَقَ، فَلَمَّا صَحَّ شَرِيكُهُ قَالَ لَهُ الْمُتَوَلِّي: هَذَا الَّذِي خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ وَقَدْ أَنْفَقْت كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لَهُ احْلِفْ لِي أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ إلَّا هَذَا، وَأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَا قُلْت، فَقَالَ إنَّمَا أَحْلِفُ أَنَّهُ الَّذِي دَفَعَ إلَيَّ وُكَلَائِي، فَقَالَ يَحْلِفُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ الْقَوْمُ إلَّا ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ إذَا كَانَ عَنْهُ غَائِبًا، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَا حَلَفَ إلَّا عَلَى عِلْمِهِ، لَعَلَّهُ ذَهَبَ مِنْهُ مَا لَا يَعْلَمُهُ.

مَسْأَلَةٌ وَفِي الْمُقْنِعِ أَيْضًا فِي الْمُودَعِ يَدَّعِي ضَيَاعَ الْوَدِيعَةِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّهَا وَقَالَ أَكَلْتهَا، فَالْمُودِعُ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هَا هُنَا عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ.

تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَيْمَانَ التُّهَمِ لَا تُرَدُّ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِتُهْمَةٍ وَغَيْرِهَا، مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَتْحَ تَابُوتَه وَأَخَذَ مِنْهُ وَثَائِقَ وَأَنَّهُ اسْتَعَارَ مِنْهُ ثَوْبًا وَأَسْلَفَهُ دَنَانِيرَ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَأَلْزَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فِي الثَّوْبِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَلَا يَرُدُّهَا عَلَيْهِ فِي فَتْحِ التَّابُوتِ، اُنْظُرْ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي رَسْمِ دَعْوَى وَتُهْمَةٍ.

مَسْأَلَةٌ وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ زَرْبٍ كَانَ ابْنُ زَرْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إذَا قَامَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ بِدَعْوَى بِتُهْمَةٍ فِيهَا فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْيَمِينُ عَلَى التُّهْمَةِ، حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي لَقَدْ ضَاعَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ عَلَى الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إذَا قَالَ لِلْمُدَّعِي لَمْ يَضِعْ الشَّيْءُ، وَإِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تُحْرِجَنِي بِالْيَمِينِ، وَبِهَذَا كَانَ يَحْكُمُ وَكَانَ يُغْرِبُ بِهَا، وَيَقُولُ إنَّهَا مِنْ دَقِيقِ الْمَسَائِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>