للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَمُّونَهُمْ أَوْ يَعْرِفُونَهُمْ، إذْ لَيْسَتْ حِينَئِذٍ شَهَادَةُ سَمَاعٍ، بَلْ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ، فَتَخْرُجُ عَنْ حَدِّ شَهَادَةِ السَّمَاعِ.

وَأَمَّا شُرُوطُهَا فَسَبْعَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ، وَإِنَّمَا يُشْهَدُ بِهَا لِمَنْ كَانَ الشَّيْءُ بِيَدِهِ فَتُصَحَّحُ حِيَازَتُهُ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ حَائِزٌ دَارًا، فَيُثْبِتُ رَجُلٌ أَنَّهَا لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ الْمُدَّعِي كَانَ غَائِبًا، فَيُقِيمُ الْحَائِزُ بَيِّنَةً بِالسَّمَاعِ فِي تَطَاوُلِ الزَّمَانِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْقَائِمِ أَوْ مِنْ جَدِّهِ أَوْ مِمَّنْ صَارَتْ إلَيْهِ مِنْهُ، فَيُحْكَمُ لَهُ بِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَصْبَغَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ.

فَرْعٌ وَاشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ لِتَقْرِيرِ الدَّارِ فِي يَدِ الْحَائِزِ أَنْ تَقُولَ الشُّهُودُ سَمِعْنَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا هُوَ أَوْ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ مِنْ هَذَا الْقَائِمِ فِيهَا، أَوْ مِنْ أَبِيهِ أَوْ مِنْ جَدِّهِ، وَلَوْ قَالُوا: سَمِعْنَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَلَا نَدْرِي مِمَّنْ لَمْ تَنْفَعْ الشَّهَادَةُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مِنْ غَاصِبٍ.

فَرْعٌ وَكَذَلِكَ السَّمَاعُ فِي الْأَحْبَاسِ، إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ حَبَسَ عَلَى الْحَائِزِينَ لَهُ وَهُوَ تَحْتَ أَيْدِيهمْ، أَوْ يَكُونُ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، فَتَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ حَبَسَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا، فَهَذَا الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا تَطَاوَلَ الزَّمَانُ.

الثَّانِي الزَّمَانُ: قَالَ مَالِكٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي مِلْكِ الدَّارِ خَمْسَ سِنِينَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا أَتَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ سَنَةً، حَكَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ، وَلَمْ يَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ طُولًا، وَعَدَّهَا طُولًا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ. قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَرُوِيَ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ تَبِيدُ فِي ذَلِكَ لِقَصْرِ الْأَعْمَارِ. وَقِيلَ إنْ كَانَ وَبَاءٌ فَهِيَ طُولٌ وَإِلَّا فَلَا، يُغْنِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِي الْوَبَاءِ تَمُوتُ الشُّهُودُ فَتُفِيدُ حِينَئِذٍ شَهَادَةُ السَّمَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>