للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُوقِعُ الرَّجُلُ شَهَادَتَهُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ بِهِ.

وَقَالَ لِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِثْلَهُ، وَأَخْبَرَ بِهِ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَلِكَ خِيفَةَ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلٌ فَيَتَسَمَّى بِاسْمِ رَجُلٍ غَيْرِهِ، وَيَشْهَدُ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا، أَوْ عَبْدَهُ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ، وَتِلْكَ الدَّارَ لِغَيْرِهِ، فَيُوقِعُ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، ثُمَّ يَمُوتُ الشَّاهِدُ فَيَشْهَدُ عَلَى خَطِّهِ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ فَيُخْرَجُ صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ دَارِهِ، وَيُخْرَجُ الْعَبْدُ مِنْ مِلْكِهِ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَقَدْ فُعِلَ شِبْهُ هَذَا عِنْدَنَا، وَهَذَا مِنْ عُيُوبِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَلَى الْخَطِّ مِنْ أَهْلِ الْيَقَظَةِ وَالْفِطْنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ وَحُسْنِ التَّمْيِيزِ.

فَرْعٌ: قَالَ أَصْبَغُ: الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ، لَا يُعَجِّلُ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ بِهَا وَلْيَتَثَبَّتْ.

مَسْأَلَةٌ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ، فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ: أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ وَلَا نِكَاحٍ، وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ، وَلَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِالْحُكْمِ، وَلَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً، وَحَيْثُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ، وَحَيْثُ يَجُوزُ هَذَا يَجُوزُ هَذَا، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَا مَعْنَى لَهَا، إلَّا أَنْ يَرَوْا أَنَّ الْأَمْوَالَ أَخَفُّ لِكَوْنِهَا يُقْضَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَيُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ بِذَلِكَ يَعْنِي فِي الْقُوَّةِ، قَالَ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ فِي الْجَمِيعِ.

وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: وَيَلْزَمُ مَنْ أَجَازَهُ فِي الْأَحْبَاسِ الْقَدِيمَةِ أَنْ يُجِيزَهُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ أَجَازَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ كُلَّهَا عِنْدَ اللَّهِ سَوَاءٌ، وَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ أَسْقَطَهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، قَالَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا تَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِحَوَالَةِ الزَّمَانِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ.

وَمِنْ الْحُجَّةِ لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْخَطِّ وَقُوَّتِهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلِيًّا بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَغَيْرَهُمْ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -،

<<  <  ج: ص:  >  >>