لَمْ تَجُزْ لَهُ شَهَادَةٌ بِهَا. مِنْ التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْمُنَاصِفِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَفِي التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَدَائِهَا إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِهَا، قَالَ غَيْرُهُ وَقِيلَ: يُؤَدِّيهَا وَيُعَرِّفُ الْحَاكِمَ، وَلَا يَقْبَلُهَا الْحَاكِمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَرَى بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيَقْبَلُهَا، وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَدَاءُ وَتَعْرِيفُ حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ فَيَقْبَلَهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْفَرَسِ: قَالَ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَةِ الْجَوَازِ إنَّهَا أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ حَفِظَ ذَلِكَ صَعْبٌ لَا يُسْتَطَاعُ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} [البقرة: ٢٨٢] ، إلَى قَوْله تَعَالَى {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] أَيْ لَا تَشُكُّوا وَقَدْ عَلِمَ تَعَالَى أَنَّ النَّاسَ يَنْسَوْنَ فَلِهَذَا أَمَرَ بِالْكَتْبِ.
مَسْأَلَةٌ: تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِيمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ مَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ مِنْ حِفْظِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْوَثِيقَةُ، وَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي شَهَادَاتِ الِاسْتِرْعَاءِ وَغَيْرِهَا.
تَنْبِيهٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيَتَحَصَّلُ الْخِلَافُ فِي جُمْلَةِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، إلَّا عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ. وَالثَّانِي: لَا تَجُوزُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى خَطِّ الْمُشَاهِدِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ وَشَهَادَتِهِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute