للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّ الْمُجَاحَ مِنْهَا يُسَاوِي فِي وَقْتِهِ عَلَى قَدْرِ نَفَاقِهِ وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهِ كَذَا، وَإِنَّ سَائِرَ بُطُونِهَا إلَى آخِرِهَا عَلَى مَا ظَهَرَ إلَيْهِمْ، مِمَّا يُسَاوِي فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى قَدْرِ نَفَاقِهَا كَذَا، فَيَضَعُ الْمُجَاحُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْقِيمَةِ نِصْفَهَا أَوْ ثُلُثَهَا أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا، قَدَّرُوا ذَلِكَ تَقْدِيرًا قَطَعُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَشُكُّوا فِيهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي رَسْمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْحَبْسِ فِي رَجُلٍ بَاعَ حَبْسًا ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ التَّحْبِيسُ وَنَقْضُ الْبَيْعِ، وَأَوْجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعَ بِمَا ابْتَاعَهُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ مِنْهُ إنْ كَانُوا أَحْيَاءً، فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ عَنْ مَالٍ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ فِي مَالِهِ إنْ وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ صَارَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَقَلَ الْحَبْسُ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَى مُبْتَاعٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِمْ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُمْ، حَتَّى يَنْتَهِيَ التَّرَاجُعُ إلَى الْبَائِعِ الْمُحْتَبِسِ، فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ وَثَبَتَ مَبْلَغُ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ وَقَبَضَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ، رَجَعَ فِيمَا يَجْعَلُهُ مِنْ مَالٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَدُهُ وَلَا وَقَفَ الشُّهُودُ عَلَى مَبْلَغِهِ، اسْتَنْزَلُوا قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَقِفُوا مِنْهُ عَلَى عَدَدٍ لَا يَرْتَابُونَ فِيهِ، فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْمُحْبِسِ مِثْلَهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّهُودُ حَقِيقَةَ شَيْءٍ بَطَلَ، وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ مُطْلَقٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَانْظُرْ كَيْفَ اسْتَنْزَلَهُمْ فِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا لَهُ حَقِيقَةً.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمَذْهَبِ وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ رَجُلٍ اسْتَغَلَّ ضَيْعَةَ رَجُلٍ ظُلْمًا، فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ قِيمَةَ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ كَذَا، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْرِيبِ دُونَ مُعَايَنَةٍ؟ فَأَجَابَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى التَّقْرِيبِ وَالتَّخْمِينِ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ عَلَى الْقَطْعِ وَمَعْرِفَةِ الِاسْتِغْلَالِ، تُسْتَنْزَلُ الْبَيِّنَةُ حَتَّى تَشْهَدَ عَلَى مَا تَقْطَعُ عَلَيْهِ وَلَا تَشُكُّ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي هَذَا الْبَابِ، لَا يَدْفَعُهَا مِنْ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ بِمَا شَهِدُوا بِهِ، وَحِينَئِذٍ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعَايَنَةِ، وَنُصُوصُهُمْ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِيهَا الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>