للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ، قِيلَ لِلْمَطْلُوبِ أَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَك بِهِ؟ فَإِنْ عَرَفَهُ سَمَّاهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَبَرِئَ، وَإِنْ تَجَاهَلَ بِهِ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ غُرْمُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُمْكِنَ مِنْ حَقِّهِ فَجَهِلَهُ أَوْ نَكَلَ عَنْهُ، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فَرَأَيَا الشَّهَادَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَاقِطَةً غَيْرَ تَامَّةٍ لِلْأُولَى وَلِلْأُخْرَى حَتَّى يُسَمِّيَا ذَلِكَ الشَّيْءَ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ، وَانْظُرْ مَا نَسَبَهُ إلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِلْأُولَى وَلِلْأُخْرَى، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَوَّلَ الْبَابِ لَيْسَتْ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ اُنْظُرْ هَا هُنَا حَيْثُ يَقُولُ: وَإِنْ تَجَاهَلَ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ غُرْمُ جَمِيعِ الْحَقِّ لِمَا أَرَاهُ، إلَّا وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ قَالَ فِي الدَّارِ إنَّهَا تُوقَفُ فِي الدَّيْنِ، قَالَ مُطَرِّفٌ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فِي الْمِيرَاثِ، وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ فَتَدَبَّرْهُ، يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى قَاعِدَةِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ لِلطَّالِبِ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْك بَعْضُ حَقِّك، فَلَا سَبِيلَ لَك إلَى شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى تُقِرَّ بِمَا وَصَلَ إلَيْك، وَتَحْلِفَ عَلَيْهِ وَتَسْتَحِقَّ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحُوزُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْيَسِيرُ.

فَرْعٌ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قِيلَ لِأَصْبَغَ: وَإِذَا قَالَ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ لَا نَدْرِي مَنْ أَرَادَ، وَقَالُوا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ يَزِيدُ حُرٌّ وَلَهُ غُلَامَانِ يُسَمَّيَانِ بِيَزِيدَ وَلَا نَعْلَمُ أَيَّ يَزِيدَ أَرَادَ، فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ جَحَدَ أَوْ أَقَرَّ، وَقِيلَ لَهُ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت فَأَعْتِقْهُ، وَأَنَا لَا أَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجُحُودِ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِمَا جَمِيعًا.

فَرْعٌ: وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ فَأُنْسِينَاهُ وَهُوَ جَاحِدٌ أَوْ عَرَفْنَا أَيَّ يَزِيدَ أَرَادَ، ثُمَّ أُنْسِينَاهُ فَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ، وَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا.

فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ الضَّرَرِ إذَا لَمْ تَقْطَعْ الْبَيِّنَةُ بِحُدُوثِ الضَّرَرِ، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا رَأَيْنَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ وَهُوَ ضَرَرٌ، حَلَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>