للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي شَهَادَةِ الْمَسْلُوبِينَ عَلَى الْمُحَارِبِينَ، أَنَّهَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ فِي قَطْعِ السَّبِيلِ دُونَ مَا ادَّعُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ فَيَجُوزَ.

وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَسْلُوبِ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ تَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِيمَا قَلَّ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ حَبِيبٍ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُحَارِبِ فِي الْمَالِ جَائِزَةٌ، وَلَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلضَّرُورَةِ.

فَرْعٌ: وَفِي الْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ تَجُوزُ إذَا كَانُوا عُدُولًا، فَإِنْ كَانُوا عَبِيدًا أَوْ نَصَارَى أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ لَمْ يُقْبَلُوا، وَلَكِنْ إذَا اسْتَفَاضَ ذَلِكَ مِنْ الذِّكْرِ وَكَثُرَ الْقَوْلُ أَدَبَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَفَاهُمْ.

فَرْعٌ: وَمِمَّا أُجِيزَتْ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلضَّرُورَةِ، شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَأَوَّلَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الشَّهَادَةُ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ، وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الشَّهَادَاتِ فِي الدِّمَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، مِمَّا تُطْلَبُ بِهِ الْخَلَوَاتُ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ، إذَا قَالَ مَرَرْت بِهِمَا أَوْ كُنْت جَالِسًا فَسَمِعْته يَقُولُ بِكَذَا، أَوْ بَاعَ مِنْهُ كَذَا أَوْ تَنَازَعَا فِي النِّكَاحِ فَأَقَرَّا بِالْعَقْدِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْوَثَائِقِ وَالصَّدَقَاتِ وَلَا فِيمَا يُقْصَدُ فِيهِ الِاسْتِعْدَادُ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، وَشَهَادَتُهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْعُدُولُ عَنْ أَهْلِ الْعَدْلِ إلَيْهِمْ رِيبَةٌ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مُخَالَطَتُهُ لَهُمْ أَوْ يَجْمَعُهُمْ وَإِيَّاهُ سَفَرٌ فَتَجُوزُ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ وَالْأَضْدَادِ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ حُضُورُ الشُّهُودِ مِنْ الْمَلَاهِي وَغَيْرِهَا، فَشَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ جَائِزَةٌ بِلَا مُرَاعَاةِ عَدَالَةٍ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ، قَالَ وَمِثْلُهُ فِي مُنْتَخَبِ الْأَحْكَامِ يُرِيدُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فَانْظُرْهُ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: إذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ لَيْسَ فِيهَا عُدُولٌ وَبَعِدُوا عَنْ الْعُدُولِ، فَهَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْأَمْوَالِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا يُعْرَفُ لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمْ فِيهِ خِلَافٌ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَة وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ، وَرَأَيْت قَوْمًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَحْكُونَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِجَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>