للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ قِتَالِهِمْ، وَيَفْعَلُ الْأَمِيرُ ذَلِكَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَمَشُورَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ، وَيَنْظُرُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَدِمَ الْأُمَرَاءُ عَلَى النَّاسِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِذَا جَازَ هَذَا لِأَمِيرٍ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى، وَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا اتِّبَاعُ الصَّالِحِ وَتَرْكُ الْأَصْلَحِ.

فَرْعٌ: وَالْمُعْسِرُ بِالنَّفَقَةِ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ فَقِيلَ: بَعْدَ شَهْرٍ، وَقِيلَ: شَهْرَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّجَاءِ، فَلَوْ آيَسَ مِنْ يُسْرِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْقِيقِ الْإِعْسَارِ، وَهَلْ ذَلِكَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالْإِعْسَارِ؟ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا حَالُهُ مِثْلُ حَالِ أَهْلِ الصُّفَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا التَّطْلِيقُ بِسَبَبِ الْإِعْسَارِ لِدُخُولِهَا عَلَى ذَلِكَ.

فَرْعٌ: وَإِذَا وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِالثُّلُثِ أُعْطِيَ زَيْدٌ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ بِالِاجْتِهَادِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا قَالَ دَارِي حَبْسٌ فَقَطْ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ مَالِكٌ: تَكُونُ فِي الْفُقَرَاءِ، قِيلَ لَهُ: إنَّ الدَّارَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: قَدْ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهَا وَلَهُ فِي ذَلِكَ سَعَةٌ مِنْ الْمُقْنِعِ.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لِلْعَبِيدِ الْحَبْسُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ مُؤَاجَرَتُهُمْ فِيمَا يُقِيمُ عَيْشَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبَاعُونَ وَتُقَسَّمُ أَثْمَانُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إنْ رَأَى ذَلِكَ الْإِمَامُ، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ خَيْلًا أَوْ سِلَاحًا فِيمَا يُجْتَهَدُ فِيهِ بِرَأْيِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إذَا اخْتَلَفَتْ فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ فِيمَا يَبْقَى مِنْهَا ثَمَنٌ بِيعَتْ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي شَأْنِ الْغَزْوِ عَلَى رَأْيِ الِاجْتِهَادِ.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ فِي قَسْمِ غَلَّةِ الْحَبْسِ بَيْنَ أَهْلِهِ، يَجْتَهِدُ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ وَالزَّمْنَى عَلَى غَيْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>