للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّامَ وَالْقَافَ لِإِزَالَةِ مُطْلَقِ الْقَيْدِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: لَفْظٌ مُطْلَقٌ وَحَلَالٌ مُطْلَقٌ وَوَجْهٌ طُلِقَ فُلَانٌ مِنْ الْحَبْسِ، وَانْطَلَقَتْ بَطْنُهُ، وَعَقْدُ النِّكَاحِ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَالَ مُطْلَقُ الْقَيْدِ أَوْ قَيْدُ النِّكَاحِ زَالَ قَيْدُ النِّكَاحِ بِالضَّرُورَةِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ فِي جَمِيعِ هَذَا، فَلَا يَجِدُونَ جَوَابًا إلَّا أَنَّهُ مَهْجُورٌ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ، فَلَا يُفِيدُ الطَّلَاقَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَإِنْ اتَّفَقَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ مُنْطَلِقَةٌ مُشْتَهِرًا فِي عَصْرٍ أَوْ فِي مِصْرٍ فِي إزَالَةِ الْعِصْمَةِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَشْتَهِرْ فِي إزَالَةِ الْعِصْمَةِ عِنْدَهُمْ، مَا الْحُكْمُ؟ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولُوا: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِمُنْطَلِقَةٍ دُونَ طَالِقٍ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِطَالِقٍ إزَالَةَ الْعِصْمَةِ عَكْسُ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَكَذَلِكَ لَفْظُ الْحَرَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ لَفْظُ الْفُتْيَا فِيهَا وَفِي أَخَوَاتِهَا، مَعَ اشْتِهَارِهَا فِي الْعُرْفِ وُجُودًا وَعَدَمًا، فَفِي أَيِّ شَيْءٍ اُشْتُهِرَتْ حُمِلَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ فِيهِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَا يَكْفِي فِي الِاشْتِهَارِ كَوْنُ الْمُفْتِي يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَشَأَ مِنْ قِرَاءَةِ الْمَذْهَبِ وَدِرَاسَتِهِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِيهِ، بَلْ الِاشْتِهَارُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمِصْرِ لَا يَفْهَمُونَ مِنْ الْإِطْلَاقِ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى، لَا مِنْ لَفْظِ الْفُقَهَاءِ بَلْ اسْتِعْمَالُهُمْ هُمْ لِذَلِكَ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَهَذَا هُوَ الِاشْتِهَارُ الْمُفِيدُ لِنَقْلِ اللَّفْظِ مِنْ اللُّغَةِ لِلْعُرْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مُسْتَفْتٍ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُفْتِي أَنْ لَا يُفْتِيَهُ بِمَا عَادَتُهُ يُفْتِي بِهِ، حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَهَلْ حَدَثَ لَهُمْ عُرْفٌ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ عُرْفِيًّا فَهَلْ عُرْفُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْبَلَدِ فِي عُرْفِهِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا أَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ وَاجِبٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَأَنَّ الْعَادَتَيْنِ مَتَى كَانَتَا فِي بَلَدَيْنِ لَيْسَا سَوَاءً، إنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعُرْفِ وَاللُّغَةِ، هَلْ يُقَدَّمُ الْعُرْفُ عَلَى اللُّغَةِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ، وَالنَّاسِخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ هُنَا.

تَنْبِيهٌ: وَنُقِلَتْ مِنْ الرِّحْلَةِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَشِيدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِيمَنْ حَلَفَ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَحَنِثَ، هَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْحَالِفِ لَا عُرْفُ الْمُفْتِي، فَلَوْ دَخَلَ الْمُفْتِي بَلَدًا لَا يَكُونُ عُرْفُهُمْ فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ بِذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعُرْفِ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعُرْفِ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>