فَرْعٌ: وَإِذَا اسْتَظْهَرَتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا لِمُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا، وَمَا خَلَفَهُ الْمَيِّتُ بِحَالِهِ لَمْ يُقْسَمْ وَلَا فُوِّتَ، فَلَهَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَيُقْضَى لَهَا بِهِ، وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، وَتَحْلِفُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ مَا فِي نَوَازِلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، فِيمَنْ لَهُ ذِكْرُ حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ مَالَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ يَنْظُرُ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ يَذْكُرُ الْحَقَّ فَقَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ أَوْ يَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يُتَقَوَّمُ بِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ فَيَكُونُ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ.
فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْحِيَازَاتِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا قَدِيمًا وَقَامَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ الْقِيَامُ بَعْدَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا أَخَذَهُ بِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ الْبَرَاءُ مِنْهُ، قَالَ: وَلَوْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ يَنْظُرُ إلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِذِكْرِ حَقِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْرِفْ شُهُودَهُ أَوْ كَانُوا غُيَّبًا، أَوْ لَمْ يَجِدْ ذِكْرَ حَقِّهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ، أَوْ كَانَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يَمْتَنِعُونَ بِهِ وَنَحْوُ هَذَا مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ، فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَمَا كَانَ تَرْكُهُ الْقِيَامَ إلَّا لِلْوَجْهِ الَّذِي عُذِرَ بِهِ ثُمَّ يَكُونُ عَلَى حَقِّهِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ وَإِنْ قَدُمَ» ، قَالَا: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، حَلَفَ الْوَرَثَةُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَمَا يَعْلَمُونَ لَهُ حَقًّا، فَإِنْ حَلَفُوا بَرَءُوا، وَإِنْ نَكَلُوا غَرِمُوا، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ اُنْظُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَانْظُرْ فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى حَقٍّ لَهُ عَلَى مَيِّتٍ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، إنْ كَانَ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ أَنَّهُمْ مَا يَعْلَمُونَ هَذَا الْحَقَّ مِثْلَ مَا قَالَ هَا هُنَا فَتَدَبَّرْهُ.
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ أَنَّ ذِكْرَ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ فِيهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِطُولِ الزَّمَانِ كَالثَّلَاثِينَ سَنَةً وَالْأَرْبَعِينَ، وَكَذَلِكَ الدُّيُونُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْأَصْلِ إذَا طَالَ زَمَانُهَا هَكَذَا، وَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ حُضُورٌ، فَلَا يَقُومُ بِدَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ هَذَا مِنْ الزَّمَانِ، فَيَقُولُ: قَدْ قَضَيْتُك وَبَادَ شُهُودِي انْتَهَى. يُرِيدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَدْيُونِ غَيْرُ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَقُومُ عَلَيْهِ الْيَتِيمُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ، وَيُنْكِرُ قَبْضَ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُدَّةٌ يَهْلَكُ فِي مِثْلِهَا شُهُودُ الْوَصِيِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّفْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute