للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاعِي أَنَّهَا لَهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفُوا وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَمَنْ نَكَلَ كَانَتْ لِلْحَالِفِ مِنْهُمْ.

وَفِي قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمْ، وَلَيْسَ الْوَسْمُ بِشَيْءٍ مَا أَرَادَ بِهِ، وَلَعَلَّ مُرَادُهُ أَنَّ الْوَسْمَ قَدْ يَتَّفِقُ فَلَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِيمَنْ وَهَبَ مِنْ غَنَمِهِ مِائَةً وَلَمْ يَغْرِزْهَا وَلَا وَسَمَهَا حَتَّى مَاتَ إنَّهُ لَا يَنْفُذُ، فَانْظُرْ مَفْهُومَ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ وُسِمَتْ تَمَيَّزَتْ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ، اُنْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي فِي رَسْمِ الشَّهَادَاتِ فِي هِبَةِ نِصْفِ دَارٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا عَامَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلَمْ يُعَامِلْهُ بَعْضُهُمْ وَأَلْقَوْا بَقَرَهُمْ فَحَرَزَهَا الرَّاعِي حَتَّى تَمَّتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَتِهِ، وَلَا كَلَامَ لَهُمْ فِي تَرْكِ مُعَامَلَتِهِ لِأَنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى الرِّضَا بِمُعَامَلَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَعَى ثَوْرُ الْغَائِبِ أَوْ حَاضِرٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ لَهُ أُجْرَتُهُ فِيمَا رَعَاهُ، وَلَا كَلَامَ لِصَاحِبِ الثَّوْرِ بِأَنْ يَقُولَ هَلَّا دَفَعْته عَنْ نَفْسِك.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ ذَلِكَ إذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ أَنَّ لِابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ عِنْدَهُ مِنْ غَلَّةِ الْمِلْكِ الَّذِي حَبَسَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَاسْتَقَرَّتْ لَهُ بِيَدِهِ، فَإِقْرَارُهُ لِوَلَدِهِ بِذَلِكَ صَحِيحٌ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ، إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِأَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ الَّتِي أَشْهَدَ لَهُ بِهَا، لَا يُسْتَوْفَى مِثْلُهَا مِنْ الْحَبْسِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ذَكَرَ مِنْ حِينِ تَارِيخِ الْوَقْفِ إلَى يَوْمِ الْإِشْهَادِ بِالْمَبْلَغِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُ كَانَ لِلِابْنِ مِقْدَارُ الْغَلَّةِ وَرَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ أَوْ الْوَصِيِّ لِمَحْجُورِهِ مَالٌ وَعَلَى الصَّغِيرِ دَيْنٌ، فَادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ نَفَاذَ الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ نَفَادُهُ وَاتُّهِمَ عَلَى كَتْمِهِ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ادَّعَى خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَسَائِلِ السِّيَاسَةِ فِي بَابِ الْوَصَايَا.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ ذَلِكَ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مُرَابَحَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ غَلِطَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّ ثَمَنَهُ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَاهُ، قَالُوا: إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ رَقْمِ الثَّوْبِ الَّذِي قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْغَلَطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>