للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُوصِلَهُ إلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ فِي الْكِتَابِ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَسِيرِ إلَيْهِمْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ. فَجَاءَ الْخَبَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَاسْتَنْزَلَاهَا وَالْتَمَسَا فِي رَحْلِهَا الْكِتَابَ فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا كَذَبْنَا، وَلَتُخْرِجِي هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لَأَكْشِفَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ مِنْهُ اسْتَخْرَجَتْ الْكِتَابَ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا، وَكَانَ قَدْ جَعَلَتْهُ فِي شَعْرِهَا وَفَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونَهَا فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ، فَأَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتَذَرَ حَاطِبٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَةً لِمَالِهِ عِنْدَهُمْ مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] » الْآيَاتِ.

فَالطَّرِيقُ الَّتِي اسْتَخْرَجَ بِهَا الْكِتَابَ مِنْ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ التَّهْدِيدُ وَالْإِرْعَابُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَعْضِ الْحُكُومَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ دَفَعَا إلَى امْرَأَةٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِيعَةً، وَقَالَا لَهَا: لَا تَدْفَعُهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُونَ صَاحِبِهِ، فَلَبِثَا حَوْلًا وَجَاءَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ: إنَّ صَاحِبِي قَدْ مَاتَ فَادْفَعِي إلَيَّ الدَّنَانِيرَ، فَأَبَتْ وَقَالَتْ: إنَّكُمَا قُلْتُمَا لِي: لَا تَدْفَعِيهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُونَ صَاحِبِهِ، فَشَفَعَ إلَيْهَا بِأَهْلِهَا وَجِيرَانِهَا وَتَلَطَّفَ حَتَّى دَفَعَتْهَا إلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: ادْفَعِي إلَيَّ الدَّنَانِيرَ، فَقَالَتْ: إنَّ صَاحِبَك جَاءَ وَادَّعَى أَنَّك قَدْ مِتّ وَدَفَعْتهَا إلَيْهِ، فَتَرَافَعَا إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلِمَ أَنَّهُمَا قَدْ مَكَرَا بِهَا، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَلَيْسَ قَدْ قُلْتُمَا لَهَا لَا تَدْفَعِيهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُونَ صَاحِبِهِ؟ فَقَالَ: فَاذْهَبْ فَجِئْ بِصَاحِبِك حَتَّى تَدْفَعَهَا إلَيْكُمَا، فَذَهَبَ وَلَمْ يَرْجِعْ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ إنْسَانًا شَكَا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَفَرًا فَقَالَ: إنَّ هَؤُلَاءِ خَرَجُوا مَعَ أَبِي فِي سَفَرٍ فَعَادُوا وَلَمْ يَعُدْ أَبِي، فَسَأَلْتهمْ عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ، فَسَأَلْتهمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>