للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إكْرَاهٌ، وَالْقَيْدُ إكْرَاهٌ، وَالْوَعِيدُ الْمَخُوفُ إكْرَاهٌ بِمَنْزِلَةِ الضَّرْبِ وَالْوَهْنِ لَا يَجُوزُ عَلَى صَاحِبِهِ يَمِينٌ وَلَا بَيْعٌ، وَقَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ: وَسَوَاءٌ حَلَفَ هَذَا الْمُكْرَهُ فِيمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى طَاعَةٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ: إنَّمَا تَكُونُ الْيَمِينُ عَنْهُ سَاقِطَةً إذَا حَلَفَ فَمَا هُوَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً، فَأَمَّا إنْ حَلَفَ فِيمَا هُوَ لِلَّهِ طَاعَةً، مِثْلُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَالِي الرَّجُلَ شَارِبًا، فَيُحَلِّفُهُ بِالطَّلَاقِ مُطْلَقًا عَلَى أَنْ لَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ وَلَا يَفْسُقَ وَأَنْ لَا يَغُشَّ فِي عَمَلِهِ أَوْ لَا يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ أَوْ الْوَلَدَ، يَحْلِفُ وَلَدُهُ مُكْرِهًا لَهُ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَشْبَاهِ هَذَا مِنْ تَأْدِيبِهِ إيَّاهُ، فَإِنِّي أَرَى الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ تَكَلَّفَ مِنْهَا الْمُحَلِّفُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْهُ خَطَأٌ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَهُوَ الْقِيَاسُ.

وَفِي الْبَيَانِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمَجْلُودِ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ، أَتَرَى أَنْ يُحَلَّفُوا؟ قَالَ: لَا، وَأَنَا أَكْرَهُهُ، قِيلَ لَهُ: رُبَّمَا كَانَ الرَّجُلُ الْمَاجِنُ الْخَبِيثُ يَرَى أَنْ يُكْسَرَ بِذَلِكَ وَيَنْزَجِرَ فَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ.

وَقَالَ: إنَّمَا هَذِهِ عُقُوبَاتٌ وَعَذَابٌ أَحْدَثَهَا الْحَجَّاجُ، وَمِثْلُهُ قِيلَ لَهُ: أَتَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ وَبِشُرَّابِ الْخَمْرِ؟ قَالَ إذَا كَانَ فَاسِقًا مُدْمِنًا، فَأَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ وَنُعْلِنُ أَمْرَهُمْ وَيُفْضَحُونَ.

مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي السُّلْطَانِ يُحَلِّفُ أَصْحَابَ الطَّعَامِ أَنْ لَا يُجَهَّزُوا إلَّا إلَى الْمَدِينَةِ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ خَوْفًا مِنْ عُقُوبَتِهِ، ثُمَّ وُجِدَ بَعْضُهُمْ قَدْ جَهَّزَ إلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ، أَوْ وَجَدَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ مَعَهُ قَدْ جَهَّزَ إلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ، فَيَحْلِفُ لَهُ بِالطَّلَاقِ فَرْقًا مِنْ عُقُوبَتِهِ مَا جَهَّزَ إلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا، فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْصُوا السُّلْطَانَ فِي صَلَاحِ الْعَامَّةِ فَإِذَا وَقَعَ مَا وَصَفْت لَك مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْيَمِينِ عَلَيْهَا، قَبْلَ وُقُوعِهَا أَوْ بَعْدَ مَا وَقَعَتْ فَرْقًا مِنْ الْعُقُوبَةِ وَالْحَبْسِ، إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِكْرَاهِ الَّذِي يُسْقِطُ الْحِنْثَ، وَعَلَيْهِ الْمَأْثَمُ فِيمَا أَضَرَّ بِالْجَمَاعَةِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ بِالتَّجْهِيزِ إلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ مُسْتَحْسَنٌ مِنْ الْعَقْلِ، وَلَيْسَ نَرَاهُ بِلَازِمٍ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُلْزِمَهُ النَّاسَ، وَلَا التَّجْهِيزَ إلَى غَيْرِهِ بِالْحُرُمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>