فَسَأَلْت ابْنَ عَتَّابٍ عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ وَلَمْ يَرَهُ، وَكَذَلِكَ أَنْكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَقَالَ لِي: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الَّذِي يُلْقَى فِي بَيْتِهِ وَدَائِعُ؟ فَقُلْت: ذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، فَقَالَ: يَلْزَمُ إذًا تَوْقِيفُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لَهُ طَالِبٌ أَمْ لَا؟ وَأَعْلَمْت ابْنَ الْقَطَّانِ بِذَلِكَ فَقَالَ لِي: مَا يَبْعُدُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ وَاسْتِسْهَالُ الْكَذِبِ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَالٍ طَائِلٍ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي صَحِيفَةً مَكْتُوبًا فِيهَا إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا بِخَطِّ الْمَطْلُوبِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يُجْبَرَ الْمَطْلُوبُ، عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِحَضْرَةِ الْعُدُولِ وَيُقَابِلُوا مَا كَتَبَهُ بِمَا أَظْهَرَهُ الْمُدَّعِي.
فَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ: بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّهُ يُطِيلُ مَا يَكْتُبُ طُولًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُ خَطًّا غَيْرَ خَطِّهِ.
وَأَفْتَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الصَّائِغِ: أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْمَازِرِيُّ لِقَوْلِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِأَنَّ إلْزَامَهُ بِذَلِكَ كَإِلْزَامِهِ إحْضَارَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا قَالَهُ خَصْمُهُ، وَأَشَارَ اللَّخْمِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُوَ يَقْطَعُ بِكَذِبِهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى فِي أَمْرٍ يَقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ، وَأَمَّا خَطُّهُ فَهُوَ صَادِرٌ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالْعُدُولُ يُقَابِلُونَ مَا يَكْتُبُهُ الْآنَ بِمَا يُحْضِرُهُ الْمُدَّعِي وَيَشْهَدُونَ بِمُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَغَيَّبَ الْخَصْمُ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَاخْتَفَى فِي دَارِهِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
مَسْأَلَةٌ: لَا يُؤَاجَرُ الْغَرِيمُ فِي الدَّيْنِ، وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْغَرِيمُ تَاجِرًا فَلَا يُؤَاجَرُ فِيمَا عَلَيْهِ، قَالَ وَعَلَى هَذَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ صَانِعًا فَدَايَنَ لِيَعْمَلَ وَيَقْضِيَ مِنْ عَمَلِهِ، فَعُطِّلَ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ وَإِنْ أَلَدَّ اُسْتُؤْجِرَ فِي صَنْعَتِهِ تِلْكَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا طَلَبَ رَجُلٌ دَيْنَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَاسْتَظْهَرَ الْمَطْلُوبَ بِالْعَقْدِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ: دَفَعْت الْحَقَّ لِلطَّالِبِ وَأَخَذْت عَقْدِي، وَجَحَدَ الطَّالِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute