للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَمَنْ انْتَسَبَ إلَى آلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَيُشْهَرُ وَيُحْبَسُ طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

فَصْلٌ

وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَحَدَهُ أَوْ حَرْفًا مِنْهُ أَوْ كَذَّبَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ أَثْبَتَ مَا نَفَاهُ أَوْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِذَلِكَ، أَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ زَادَ فِيهِ كَفِعْلِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّة، أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَلَا مُعْجِزَةٌ، كَقَوْلِ هِشَامِ الْفُوطِيِّ وَمَعْمَرٍ الصَّيْمَرِيِّ، أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَسُولِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى ثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ وَلَا حُكْمٍ، فَلَا مَحَالَةَ فِي كُفْرِهِمَا بِهَذَا الْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ بِكُفْرِهِمَا وَإِنْكَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ فِي سَائِرِ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ لَهُ، أَوْ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ دَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا الْإِجْمَاعَ وَالنَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاحْتِجَاجِهِ بِهَذَا كُلِّهِ وَتَصْرِيحِ الْقُرْآنِ بِهِ.

فَصْلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا فِيمَنْ حَقَّقْنَا كَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ: كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَالِكٍ وَخَزَنَةِ النَّارِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا، وَالزَّبَانِيَةِ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ، وَكَعِزْرَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَرَضْوَانَ وَالْحَفَظَةِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى قَبُولِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بِذِكْرِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأَخْبَارُ بِتَعَيُّنِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ: كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ، وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ، وَزَرَادُشْتُ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ، وَيَذْكُرُ الْمُؤَرِّخُونَ نُبُوَّتَهُ، فَلَيْسَ الْحُكْمُ فِي سَابِّهِمْ وَالْكَافِرِ بِهِمْ كَالْحُكْمِ فِيمَنْ قَدَّمْنَا إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، وَلَكِنْ يُزْجَرُ مَنْ تَنَقَّصَهُمْ وَآذَاهُمْ، وَيُؤَدَّبُ بِقَدْرِ حَالِ الْمَقُولِ فِيهِمْ، لَا سِيَّمَا مَنْ عُرِفَتْ صِدِّيقَتُهُ وَفَضْلُهُ مِنْهُمْ كَمَرْيَمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نُبُوَّتُهَا، وَأَمَّا إنْكَارُ نُبُوَّتِهَا أَوْ كَوْنُ الْآخَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا حَرَجَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ زُجِرَ عَنْ الْخَوْضِ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ إذْ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>