مِنْهُ تَوْبَتُهُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا إنْ سَحَرَ أَهْلَ مِلَّتِهِ فَلْيُؤَدَّبْ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا فَيُقْتَلُ بِهِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: فِي السَّاحِرِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَيُتْرَكَ كَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بِخِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ: لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُؤْذِيَ مُسْلِمًا أَوْ يَقْتُلَ ذِمِّيًّا، وَنَقَلَ ابْنُ الْفَرَسِ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ.
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِمُبَاشِرِ عَمَلِ السِّحْرِ وَلَكِنْ ذَهَبَ إلَى مَنْ يَعْمَلُهُ لَهُ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُؤَدَّبُ أَدَبًا شَدِيدًا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْمَرْأَةِ تُقِرُّ أَنَّهَا عَقَدَتْ زَوْجَهَا عَنْ نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ أَنَّهَا تَنْكُلُ، قَالَ: وَلَوْ سَحَرَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ يَعْقِدُ الرَّجُلَ عَنْ النِّسَاءِ يُعَاقَبُ وَلَا يُقْتَلُ، فَتَأَمَّلْ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنْ لَيْسَ كُلُّ سِحْرٍ كُفْرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ: وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ حَلَّ السِّحْرِ عَنْ الْمَسْحُورِ أَمْ لَا؟ فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِأَنَّهُ عَمَلُ سِحْرٍ.
وَقَالَ: لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا سَاحِرٌ، وَلَا يَجُوزُ إتْيَانُ السَّاحِرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " مَنْ أَتَى إلَى كَاهِنٍ أَوْ سَاحِرٍ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، وَأَجَازَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِلَاجِ فَيُخَصَّصُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: ١٠٢] ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ: وَانْظُرْ عَلَى هَذَا، هَلْ هُوَ يَجُوزُ السِّحْرُ فِي الِاصْطِلَاحِ بَيْنَ نَفْسَيْنِ؟ كَالْمَرْأَةِ تَبْتَغِي صَلَاحَ زَوْجِهَا وَاسْتِئْلَافَهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا شَهِدَ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ: لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى حَلِّ الْمَرْبُوطِ وَالْمَسْحُورِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ مِنْ الرَّجُلِ، لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْوَرَعِ الدُّخُولُ فِيهِ، وَنُسِبَ نَقْلُ ذَلِكَ إلَى الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute