تَلَفَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوَصِّلَهُ الْأَمْرَ صُدِّقَ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَوْصَلْت وَلَمْ يَخْتَرْهُ فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ الْمَتَاعُ فِي رَدِّهِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ قَالَ: تَلِفَ عِنْدَ الْآمِرِ فَالْآمِرُ ضَامِنٌ إنْ أَقَرَّ لَهُ وَإِلَّا فَالسِّمْسَارُ ضَامِنٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الصَّرَّافِ الدَّنَانِيرَ وَالْحُلِيَّ لِيَصْرِفَهَا لَهُ، أَوْ الرَّقِيقَ أَوْ الدَّوَابَّ لِلنَّخَّاسِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَيَقُولُونَ: ذَهَبَ أَوْ سَقَطَ مِنَّا، أَوْ بِعْنَا وَسَقَطَ الثَّمَنُ، أَوْ بِعْنَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ يَجْحَدُ، فَهُمْ ضَامِنُونَ إلَّا أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ السِّلْعَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الْوُكَلَاءُ مِنْ السَّمَاسِرَةِ وَالطَّوَّافِينَ الَّذِينَ عَادَتُهُمْ أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانِ بْنُ الْمُنْتَابِ فِي دَعْوَى السِّمْسَارِ، أَنَّهُ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى صَاحِبِهِ وَقَدْ طَلَبَهُ لِيَعْرِضَهُ وَرَبُّ الثَّوْبِ مُنْكِرٌ، أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى السِّمْسَارِ وَلَا شَيْءَ فِي دَعْوَى ضَيَاعِهِ وَلَا فِيمَا حَدَثَ فِيهِ فِي يَدَيْهِ مِنْ عَيْبٍ وَيَحْلِفُ إنْ اتَّهَمَ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِهَا، قَالَ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَقْعُدُ عَلَى بَيْعِ الثِّيَابِ لِلنَّاسِ فِي السُّوقِ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ وَضَعَ الْمُنَادِي الثَّوْبَ عِنْدَ التَّاجِرِ لِيُشَاوِرَ صَاحِبَهُ فَضَاعَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَلَوْ أَنْكَرَ التَّاجِرُ ضَمِنَهُ السِّمْسَارُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ.
وَفِي الطُّرَرِ: أَنْ أَلْقَى الدَّلَّالُ الثَّوْبَ عِنْدَ رَجُلٍ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ عُرْفَ النَّاسِ جَرَى بِغَيْرِ الْإِشْهَادِ بِذَلِكَ، فَصَارَ كَالشَّرْطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا نَسِيَ مَنْ أَقَرَّهُ عِنْدَهُ وَلَوْ ضَاعَ الثَّوْبُ مِنْهُ قَبْلَ النِّدَاءِ لَمْ يَضْمَنْهُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ.
فَرْعٌ: وَلَوْ أَخَذَ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ التَّاجِرِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ إنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ فَضَاعَ ضَمِنَهُ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْبَيْعِ بَعْدُ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَهُ السِّمْسَارُ ذَلِكَ، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ لِلتَّاجِرِ وَقَالَ لَهُ: خُذْهُ، فَإِنْ بَاعَ فَادْفَعْهُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ قَالَهُ الْأَبْيَانِيُّ مِنْ الْمَذْهَبِ لِابْنِ رَاشِدٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ السِّمْسَارِ سِلْعَةً فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى السِّمْسَارِ وَالتَّبَاعَةُ عَلَى رَبِّهَا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: فَإِذَا سُئِلَ السِّمْسَارُ عَنْ رَبِّ السِّلْعَةِ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute