فَرْعٌ: وَإِذَا لَبِسَاهُمَا عَالِمَيْنِ مُتَعَمِّدَيْنِ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، إلَّا إنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَضْلُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مُعْدَمًا بِالْفَضْلِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْغَسَّالِ؛ لِأَنَّهُ أَضَاعَ وَأَخْطَأَ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْغَسَّالُ إلَى الْعَالَمِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْجَاهِلِ.
فَرْعٌ: وَإِنْ لَبِسَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَالْآخَرُ جَاهِلًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ.
فَرْعٌ: وَأَمَّا تَلَفُ الثَّوْبَيْنِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنْهُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِثَوْبِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ يَتَحَاسَبَانِ فَيَرْجِعُ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا بِفَضْلٍ عَلَى صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدَمًا فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَسَّالِ كَمَا فَسَّرْت لَك، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْجَهْلِ فَضَمَانُ الْفَضْلِ عَلَى الْغَسَّالِ.
فَرْعٌ: وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا وَسَلَّمَ الْآخَرُ، فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ ثَمَنِ ثَوْبِهِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ ثَوْبِهِ فَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ ثَمَنِ ثَوْبِهِ وَالْفَضْلُ عَلَى الْغَسَّالِ، قَالَ وَهَكَذَا أَوْضَحَ لِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَأَعْلَمَنِي أَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: رَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا عَنْ الْغَسَّالِ إذَا أَعْطَى الرَّجُلَ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَلَبِسَهُ، أَيَكُونُ عَلَى اللَّابِسِ فِيهِ غُرْمٌ، فَقَالَ: لَا وَذَلِكَ عَلَى الْغَسَّالِ، لَهُ: يَلْبَسُ الثَّوْبَ ثُمَّ يُؤْخَذُ ثَوْبُهُ مُسْلِمًا بِلَا غُرْمٍ، فَقَالَ: إذَا لَبِسَهُ الْأَيَّامَ ثُمَّ رَدَّهُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبْلَاهُ.
وَقَالَ لَنَا يَحْيَى: عَلَى اللَّابِسِ أَنْ يَغْرَمَ مَا نَقَصَهُ لُبْسُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ كَانَ أَقَلَّ نَقْصًا فَيَغْرَمُهُ وَيَكُونُ الْبَاقِي عَلَى الْغَسَّالِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ اللَّابِسُ بِأَنَّهُ لَبِسَ ثَوْبَهُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ: فِي الْغَسَّالِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَيُخْطِئُ وَيُعْطِيهِ رَجُلًا فَيَلْبَسُهُ الْمُعْطَى، قَالَ لَا يَغْرَمُ اللَّابِسُ شَيْئًا وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ فَضْلَ الثَّوْبِ، وَذَلِكَ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْرِفَةٍ ضَمِنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute