أَمَرَهُ بِالْخُطْبَةِ وَيُصَلِّي الْأَمِيرُ خَلْفَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مُنْضَمَّةٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَفَرَّقَا عَلَى إمَامَيْنِ بِالْقَصْدِ اهـ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ إنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ فَلْيَسْتَحْلِفْ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَجَدَ كَوْمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَرْيَةِ الْعَامِرَةِ فَرْسَخٌ وَنِصْفٌ فِي الْبَرِّ وَثُلُثَا فَرْسَخٍ فِي الْبَحْرِ وَبِهِ نَاسٌ بَانُونَ وَقَاطِنُونَ فِيهِ فَبَنَى فِيهِ أَيْضًا دُوَّارًا وَأَنْشَأَ بُسْتَانًا وَحَضَرَ نَاسٌ وَبَنَوْا أَيْضًا، وَأَقَامُوا بِعِيَالِهِمْ وَبَنَى فِيهِ جَامِعًا وَمَدَافِنَ لِلْأَمْوَاتِ فَهَلْ يَصِحُّ لِلْمُقِيمِينَ بِتِلْكَ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي فِي الْكَوْمِ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ الذَّهَابُ إلَى مَسْجِدِ الْقَرْيَةِ الْعَامِرَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ فِي الْعِزْبَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّ بَيْنَ الْكَوْمِ الْمَذْكُورِ وَالْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا جَامِعُ الْجُمُعَةِ فَرْسَخًا وَنِصْفُهُ وَذَلِكَ مِقْدَارُ سَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ سَاعَتَيْنِ وَرُبْعَ سَاعَةٍ وَكَذَا بَيْنَهُ وَكُلِّ قَرْيَةٍ غَيْرِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْقُرَى الْمُحِيطَةِ بِهِ الَّتِي فِيهَا جَامِعُ جُمُعَةٍ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ وَاسْتَوْطَنَهُ الْجَمَاعَةُ الْمُقِيمُونَ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَنْوُونَ الِانْتِقَالَ مِنْهُ أَبَدًا وَكَانُوا يَأْمَنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ دَائِمًا حَالَ اسْتِيطَانِهِمْ لَهُ بِحَيْثُ يَدْفَعُونَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ أَتَاهُمْ مِنْ الْأَعْدَاءِ غَالِبًا وَتَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِعَدَدٍ خَاصٍّ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْجَامِعِ الَّذِي أَحْدَثُوهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَصَحَّتْ مِنْهُمْ بِاسْتِيفَاءِ بَاقِي شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ الذَّهَابُ إلَى جَامِعِ قَرْيَةٍ أُخْرَى وَالْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ أَنَّ بَيْنَ كُلِّ قَرْيَتَيْنِ مِنْ قُرَى رِيفِ مِصْرَ الَّتِي فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ سَاعَةً غَالِبًا، وَقَدْ يَنْقُصُ أَوْ يَزِيدُ عَنْهَا قَلِيلًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّ بَيْنَ الْكَوْمِ الْمَذْكُورِ وَكُلِّ قَرْيَةٍ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ فَرْسَخًا وَنِصْفَهُ الْمُقَدَّرَ بِسَاعَتَيْنِ، وَرُبْعِ سَاعَةٍ وَهُوَ بَيْنَهَا فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ.
ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهَا بِقُرْبِهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ اتِّفَاقًا وَفِي جَوَازِهِ بِأَزْيَدَ مِنْهَا أَوْ بِبُعْدِهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ ثَالِثُهَا بِبَرِيدٍ لِلْبَاجِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ بَشِيرٍ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ نَقْلِ الشَّيْخِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِّ لِكُلِّ قَرْيَةٍ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ قَرِبُوا وَلَا نَصَّ فِي مَنْعِهِ قُصُورٌ انْتَهَى، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ بِهَا جَامِعٌ عَتِيقٌ انْهَدَمَ فَتَرَكُوهُ ثُمَّ أَقَامُوا الْجُمُعَةَ فِي زَاوِيَةٍ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ ثُمَّ بَنَوْا جَامِعًا آخَرَ قَرِيبًا مِنْ الْعَتِيقِ وَنَقَلُوا الْجُمُعَةَ مِنْ الزَّاوِيَةِ إلَيْهِ نَحْوَ ثَمَانِ سِنِينَ ثُمَّ هَدَمُوهُ وَبَنَوْا الْعَتِيقَ وَضَيَّقُوهُ عَنْ أَصْلِهِ وَأَقَامُوا الْجُمُعَةَ فِيهِ مَعَ إقَامَتِهَا فِي الْجَدِيدِ فَمَا الْحُكْمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute