للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ كَانَ لِحَمَاهَا عَلَيْهَا مِائَةُ دِينَارٍ صَدَقَةً مِنْ مَالِ نَفْسِهَا تُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَتُجْبَرُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَوَجَبَتْ الْمِائَةُ لِلْحَمَى فَأَشْهَدَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى حَفِيدَيْهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ قَبْلَ رُشْدِ الْوَلَدَيْنِ فَقَامَ وَرَثَتُهُ بِطَلَبِهَا إذْ لَمْ تَحُزْ عَنْهُ، وَقَالَ الْحَفِيدُ إنَّا لَمْ نَزَلْ فِي كَفَالَتِهِ وَلَا تُفْتَقَرُ لِحَوْزٍ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ الْتَزَمْت شَيْئًا لَا يَلْزَمنِي فَأَنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِوَاجِبِ الشَّرْعِ.

فَأَجَابَ وَقَفْت عَلَى الْمَكْتُوبِ وَجَمِيعُهُ غَيْرُ مُفِيدٍ وَقُصَارَى مَا فِيهِ الْكَلَامُ عَلَى يَمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْتِزَامِهَا لِحَمَاهَا وَتَزْوِيجِهَا قَبْلَ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهَا تُؤْمَرُ وَتُجْبَرُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهَا بِلَا خِلَافٍ عَلِمَتْهُ إذَا كَانَ الْيَمِينُ كَمَا ذُكِرَ وَلَا تُجْبَرُ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا سَقَطَ جَمِيعُ مَا فِي الْبَطْنِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت تَقَدَّمَ مُعَارَضَتُهَا إذَا كَانَتْ بِيَمِينٍ لِمَا فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ فَالشَّاةُ تُجْزِئُهُ، وَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا، فَعَلَيَّ هَدْيٌ فَحَنِثَ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ بَدَنَةً إلَخْ وَيُعَارِضُهُ أَيْضًا إذَا الْتَزَمَ فِي مَسْأَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مَذْهَبِ إمَامٍ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَانْظُرْ مَسَائِلَ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ وَمَا فِي بَعْضِهَا مِنْ الْخِلَافِ فَلَا يَبْعُدُ جَرَى هَذَا عَلَيْهِ اهـ.

قُلْت: أَمَّا مَا أَجَابَ بِهِ الْمُفْتِي فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ غَيْرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْخِلَافِ لَعَلَّهُ تَبِعَ فِيهِ كَلَامَ الْبَاجِيِّ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ وَلِابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ مَسْأَلَةٌ نَحْوُ هَذِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَفْتَى هُوَ وَابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ اللُّزُوم وَنَصُّهَا: " امْرَأَةٌ خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى: إنْ حَطَّتْ عَنْهُ جَمِيع كَالِئِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مَا تَضَمَّنَهُ عَقْدُ الْخُلْعِ، وَعَلَى أَنَّهَا: إنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عَامٍ مِنْ تَارِيخِ الْخُلْعِ فَعَلَيْهَا مِائَةُ مِثْقَالٍ، فَنَفَذَتْ الْفَتْوَى فِيهَا بِأَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الْعَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ أَفْتَيْتُ أَنَا وَابْنُ رُشْدٍ اهـ.

قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِهِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُعَارِضُ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ أَمَّا النَّذْرُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ بِهِ جَارٍ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْتِزَامِ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ الْمُعْتَقِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْحَالِفَة عَلِمَتْ أَنَّ الْتِزَامَ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلٍ وَقَلَّدَتْ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَالْتَزَمَتْهُ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي فَصْلِ الِالْتِزَامِ " عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَقْلِيدَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ بِهِ لَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَأَمَّا الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ إذَا لَمْ تُعَلَّقْ بِطَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ تَمْلِيكٍ لِلْعِصْمَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ ابْنُ الضَّابِطِ عَنْ امْرَأَةٍ الْتَزَمَتْ لِزَوْجِهَا أَنَّهَا مَتَى رُدَّتْ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً فَمِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهَا وَقَبِلَهَا وَفِي ذِمَّتِهَا لِلزَّوْجِ الثَّانِي فَفَارَقَهَا الزَّوْجُ الْمَذْكُورُ فَتَزَوَّجَتْ الْأَوَّلَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَزِمَهَا مَا الْتَزَمَتْهُ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قُلْت هَذِهِ تُعَارِضُ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>