للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ مِنْ قَبِيلِ اللُّزُومِ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْفُتْيَا أَوْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا وَتَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْ لِذَلِكَ كَمَا إذَا أَسْقَطَتْ لَهُ مِنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ عَلَى تَبْقِيَتِهَا فِي عِصْمَتِهِ، أَوْ يُعْطِيَهَا عَلَى الْأَثَرَةِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ اهـ.

قُلْت: أَمَّا إذَا الْتَزَمَتْ الْأُمُّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ عَلَى أَنْ لَا يَنْزِعَ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ فَيَجْرِي الْكَلَامُ فِي لُزُومِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ مِنْ جَوَازِ الْخُلْعِ عَلَى الْغَرَرِ عَلَى الْتِزَامِ النَّفَقَةِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَعَلَى اللُّزُومِ الْعَمَلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ صِحَّةُ الْخُلْعِ عَلَى الْتِزَامِ النَّفَقَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْخُلْعِ عَلَى الْتِزَامِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُخَالِعُ الزَّوْجَةَ عَلَى أَنْ تَسْقُطَ حَضَانَتُهَا وَتُسَلِّمَ الْوَلَدَ لِلْأَبِ، فَإِنْ أَرَادَتْ أَخَذَ فَلَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ تَلْتَزِمَ نَفَقَتَهُ وَتَسْقُطَ عَنْ الْأَبِ مُؤْنَتُهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ خُلْعٌ صَحِيحٌ لَازِمٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْخُلْعِ كَمَا إذَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الزَّوْجَةِ بِزَوَاجٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ الْتَزَمَتْ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ عَلَى أَنْ يَكُونُوا عِنْدَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ إلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ ذَلِكَ وَصِحَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّ كَلَامَ الرَّمَّاحِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَتْ نَفَقَةَ الْبَنَاتِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي تَزْوِيجِهِنَّ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهَا تَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهَا فَلَا إشْكَالَ فِي فَسَادِهِ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى النَّظَرِ لَهَا فِي أَمْرِهِنَّ وَتُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهِنَّ فَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَسْأَلَةُ اشْتِرَاطِ الْأَبِ عَلَى الْحَاضِنَةِ إنْ خَرَجَتْ بِالْأَوْلَادِ إلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ بَلَغَنِي أَنَّك تَشْتُمنِي فَقَالَ مَا قُلْت فَقَالَ احْلِفْ وَلَك كَذَا وَكَذَا هِبَةً مِنِّي فَحَلَفَ أَتَرَى أَنَّ لَهُ الْهِبَةَ؟ قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إجَازَةِ الْجَعْلِ فِيمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ عُمَرَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ لِرَجُلٍ جَعْلًا عَلَى أَنْ يَرْقَى الْجَبَلَ فَأَجَازَهُ. قَالَ أَصْبَغُ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِهِ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ الْجَعْلَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: احْلِفْ لِي أَنَّك مَا شَتَمْتنِي وَلَك كَذَا وَكَذَا فَحَلَفَ فَأَلْزَمَهُ مَالِكٌ غُرْمَ مَا جَعَلَ لَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَهُوَ تَطْبِيبُ نَفْسِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَتَحْسِينُ ظَنِّهِ بِهِ حَتَّى لَا يَعْتَقِدُ شَرًّا وَلَا مَكْرُوهًا فَيَأْثَمُ فِي اعْتِقَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>