للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُرَمَاءِ، وَأَنَّهُ يُحَاصِصُ بِالدَّيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَمَعْنَاهُ إذَا وُهِبَتْ لَهُ الْهِبَةُ.

(فَرْعٌ) وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنِّي وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ بِعْتهَا بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَيْتهَا مِنِّي فَالنُّقْصَانُ عَلَيَّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الْقَضَاءِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَفِي آخِرِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ وَتَحْصِيلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ.

فَأَمَّا إنْ بَاعَ السِّلْعَةَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ، أَوْ جَارِيَتَهُ مِنْ الرَّجُلِ بِثَمَنٍ يُسَمِّيه لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَعَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ فَسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ بِبَيْعٍ، أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ، أَوْ مَوْتٍ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُحْكَمُ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَوْ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَقِيلَ إنَّهُ يُحْكَمُ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ.

وَقِيلَ: إنَّهُ يُحْكَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بَيْعِهَا بِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ إنْ مَاتَتْ وَتُرَدُّ إلَيْهِ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ أَسْوَاقٍ أَوْ عَيْبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ وَيَكُونُ لَهُ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ إنْ فَاتَتْ بِالْبَيْعِ، كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ أَوْ أَكْثَرَ وَيَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِهِ إيَّاهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْوَاضِحَةِ.

وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَوَّتَهَا الْمُبْتَاعُ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ عِتْقٍ إنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ حَمْلٍ إنْ كَانَ أَمَةً فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَقِيلَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِحْبَال مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهَا بَيْعُ فَاسِدٌ وَيَرَاهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَقِيلَ إنَّهَا أَيْ السِّلْعَةَ تَكُونُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَتَكُونُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ يَوْمَ الْقَبْضِ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَوْلًا وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَفِي مَوْطِئِهِ اهـ. وَقَبِلَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ الْقَوْلَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ فَتَأَمَّلْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>