للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ) إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى صِفَةٍ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ بِعْ وَلَا وَضَيْعَةَ عَلَيْك فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ فِيمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَلَمَّا ذَهَبَ يَقْبِضُهُ وَجَدَهُ مُسَوَّسًا فَسَخِطَهُ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ بِعْ وَلَا وَضَيْعَةَ عَلَيْك فَحَمَلَهُ فِي سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَادِثٌ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِيَ أُجْرَتَهُ فِيمَا حَمَلَهُ وَشَخَصَ بِهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ عَلَى أَنْ لَا نُقْصَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَرْطٍ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تَكُونُ الْمُصِيبَةُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْمُبْتَاعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ الطَّعَامَ مُسَوَّسًا وَجَبَ نَقْضُ الْبَيْعِ فَقَوْله لَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ لَمَّا وَجَبَ رَدُّهُ بِسَبَبِ الْعَيْبِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ اهـ.

قُلْت: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك فَقَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك أَيْ بِعْ وَالنُّقْصَانُ عَلَيَّ فَهُوَ أَمْرٌ قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَعْرُوفُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِدَ أَوْ بَعْدَمَا انْتَقَدَ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِدَ: اُنْقُدْنِي وَبِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ إنَّهُ لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ عُيُوبٌ وَخُصُومَاتٌ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي رَسْمِ الْقَضَاءِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ.

وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ مَسْأَلَةٌ: قُلْت فَالرَّجُلُ يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ طَعَامًا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَاسْتَغْلَاهُ فَقَالَ لِلْبَائِعِ فَقَالَ لَهُ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك ثُمَّ قَالَ لَهُ بِعْ عَشَرَةَ أَرَادِبَ فَمَا نَقَصَ مِنْهَا وَضَعْت لَك مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ بِحِسَابِ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ مِائَةَ إرْدَبٍّ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَبَاعَ الْعَشَرَةَ بِدِينَارَيْنِ فَوَضَعَ عَنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ قَبَضَ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ يَشْتَرِي طَعَامًا نَقْدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْنَاهُ يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ طَعَامًا بِثَمَنٍ نَقْدًا، أَوْ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ.

وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَسَوَاءٌ قَبَضَ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَوَضَعَ عَلَى الْمُبْتَاعِ الْعَشَرَةَ الَّتِي انْتَقَصَ فِي الطَّعَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْوَضِيعَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>