ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ وَهَبَتْ لِلزَّوْجِ قَدَّرَتْ كَالْعَدَمِ وَلَا يُخَصِّصُ هُوَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ يَعْنِي إذَا وَهَبَتْ لِضَرَّتِهَا بَقِيَتْ أَيَّامُ الْقَسْمِ عَلَى حَالِهَا وَيَكُونُ لِلْمَوْهُوبَةِ يَوْمَانِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَتْ الزَّوْجَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ كَالْعَدَمِ وَلَا يُخَصِّصُ هُوَ بِذَلِكَ الْيَوْمِ غَيْرَهَا زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: لِأَنَّ مَعْنَى هِبَتِهَا لِلزَّوْجِ إسْقَاطُ حَقِّهَا لَا أَنَّهَا جَعَلَتْ مَا كَانَ لَهَا بِيَدِهِ هَكَذَا قَالُوا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إذَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِلزَّوْجِ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ إسْقَاطِ يَوْمِهَا وَبَيْنَ أَنْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قُلْت وَالْأَقْرَبُ سُؤَالُهَا عَنْ مُرَادِهَا بِالْهِبَةِ هَلْ الْإِسْقَاطُ، أَوْ تَمْلِيكُ الزَّوْجِ، فَإِنْ أَرَادَتْ تَمْلِيكَ الزَّوْجِ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا فِي جَعْلِهِ لِمَنْ شَاءَ وَنَقْلِهِ عَمَّنْ جَعَلَهُ إلَيْهَا إذَا شَاءَ اهـ.
وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْأَخِيرَ فَقَالَ وَيَنْبَغِي إذَا وَهَبَتْ الزَّوْجَ أَنْ تُسْأَلَ هَلْ أَرَادَتْ الْإِسْقَاطَ، أَوْ تَمْلِيكَ الزَّوْجِ، فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِيَوْمِهَا مَنْ شَاءَ اهـ.
قُلْت: وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ هِبَةُ الْمَرْأَةِ يَوْمَهَا جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَأْبَى الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَهِبَتُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ أَسْقَطَتْ يَوْمَهَا، وَلَمْ تَخُصَّ أَحَدًا عَادَ الْقَسْمُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ خَصَّتْ بِهِ وَاحِدَةً كَانَ لَهَا وَبَقِيَ الْقَسْمُ أَرْبَاعًا، وَقَدْ «وَهَبَتْ سَوْدَةُ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -» فَكَانَ لَهَا يَوْمَانِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إنْ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِيهِ وَيَكُونَ الْقَسْمُ أَثْلَاثًا، أَوْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدَةً وَيَكُونَ الْقَسْمُ أَرْبَاعًا اهـ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَأَجْحَفَ فِي اخْتِصَارِهِ وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ إنْ أَسْقَطَتْ الْحُرَّةُ يَوْمَهَا أَوْ وَهَبَتْهُ لِضَرَّتِهَا فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا لَحَقِّهِ فِي الْمُتْعَةِ بِهَا، فَإِنْ وَافَقَهَا فَالْمُسْقِطَةُ كَالْعَدَمِ وَاخْتَصَّ الْقَسْمَ بِمَنْ سِوَاهَا وَلِلْمَوْهُوبَةِ يَوْمُهَا وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدَةً، أَوْ يَخُصَّ الْقَسْمَ بِمَنْ سِوَاهَا ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَهِبَةِ أَحَدِ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ لِلْمُبْتَاعِ وَأَحَدِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ حَقَّهُ لَهُ يَسْتَغْرِقُهُ مَنْ سِوَاهُ، أَوْ كَهِبَةِ أَحَدِ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ حَقَّهُ لِلْقَاتِلِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَالثَّانِي أَجْرَى عَلَى شِرَائِهِ ذَلِكَ اهـ.
قُلْت: أَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إلَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ ارْتَضَاهُ وَإِلَّا لَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فَصَحِيحٌ بَلْ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِمَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ خِلَافَ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ وَجَزَمَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ بِمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْهُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute