عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا، أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ، أَوْ يَأْخُذَ مَالَهُ، أَوْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ أَوْ يَبِيعَ مَتَاعِ رَجُلٍ فَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَصَى وَقَعَ بِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَيُغَرَّمُ مَا أَتْلَفَ وَيُحَدُّ إنْ زَنَى وَيُضْرَبُ إنْ ضَرَبَ وَيَأْثَمُ اهـ.
وَهَلْ الْمُهَادَنَةُ الَّتِي أَوْقَعَهَا فَاسِدَةٌ، وَمَنْقُوضَةٌ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْجَأَهُ الْعَدُوُّ بِسَبَبِ قُرْبِنَا مِنْهُ وَعَجْزِنَا عَنْ الْجِهَادِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا عَائِدَةٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَوَبَالُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ حَسْبَمَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا فِي بَابِ الْجِهَادِ فِي الْجَوَابِ عَنْ سُؤَالِ التِّلِمْسَانِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَوْقَعَ الصُّلْحَ مَعَ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمُونَ لَا يَرَوْنَ إلَّا الْجِهَادَ فَأَجَابَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مُهَادَنَتَهُ مَنْقُوضَةٌ وَفِعْلَهُ مَرْدُودٌ وَنَقَلَ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصًا وَهَلْ يُحْمَلُ بَيْعُ الْبَقَرِ لَهُمْ فِي وَقْتِ حَصْرِهِمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى حُرْمَةِ بَيْعِ الْخَيْلِ لَهُمْ وَالشَّعِيرِ وَآلَةِ الْحَرْبِ أَمْ لَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ تَسَعْهُ مُخَالَفَةُ الْفَرَنْسِيسِ فِيمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِنَا وَتَفْرِيقِ جَمَاعَتِنَا وَمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاقْتَحَمَ الْأَمْرَ وَشَقَّ الْعَصَا وَجَاءَنَا بِالْجَيْشِ لِيَقْتُلَنَا وَيَأْخُذَ أَمْوَالَنَا وَيُفَرِّقُ جَمْعَنَا فَهَلْ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُقَاتِلَهُ بِمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَنَصُّهُ اُنْظُرْ إذَا خَلَا الْوَقْتُ مِنْ الْأَمِيرِ وَأَجْمَعَ النَّاسُ رَأْيَهُمْ عَلَى بَعْضِ كُبَرَاءِ الْوَقْتِ لِيُمَهِّدَ سَبِيلَهُمْ وَيَرُدَّ قَوِيَّهُمْ عَنْ ضَعِيفِهِمْ فَقَامَ بِذَلِكَ قَدْرَ جَهْدِهِ وَطَاقَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ وَالْمُتَعَرِّضُ لَهُ يُرِيدُ شَقَّ عَصَا الْإِسْلَامِ وَتَفْرِيقَ جَمَاعَتِهِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْت عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ جَمِيعٌ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ» وَبِسَنَدِهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ تَفْرِيقَ جَمَاعَتِكُمْ فَاقْتُلُوهُ» اهـ.
أَمْ لَا يَجُوزُ لَنَا ذَلِكَ وَنَتْرُكُ الْجِهَادَ لَيْسَ إلَّا جَوَابُكُمْ تُؤْجَرُونَ وَتُحْمَدُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فِي الْبَدْءِ وَالْخِتَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصَّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْمُهْتَدِينَ نَعَمْ يَحْرُمُ عَلَى السُّلْطَانِ الْمَذْكُورِ أَصْلَحَ اللَّهُ أَحْوَالَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْتُمْ حُرْمَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ لَا يَشُكُّ فِيهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ وَمَا كَانَ يَخْطُرُ بِبَالِنَا أَنْ يُصْدِرُ مِنْ مَوْلَانَا السُّلْطَانُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ مِثْلِكُمْ، فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَمَا قَدَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا، وَأَنْتُمْ جِسْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ، وَإِنْ كُنَّا فِي اطْمِئْنَانٍ عَلَى إقْلِيمِهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ عَدُوِّ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ بَقَاءِ أَهْلِهِ عَلَى الْحَقِّ حَقٌّ تَقُومُ الْقِيَامَةُ مِنْهَا مَا وَجَدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ الْمُقْرِي وَنَصُّهُ مِنْ خَطِّ الْفَقِيهِ الْمُحَدِّثِ الْعَالِمِ أَبِي الْقَاسِمِ الْعَبْدُوسِيِّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نَصُّهُ وَجَدْت فِي ظَهْرِ تَقْيِيدِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بِخَطِّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ قَالَ ذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ نَقْطِ الْعَرُوسِ عَنْ أَبِي مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَتَكُونُ بِالْمَغْرِبِ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا فَاسُ أَقَوْمُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ قِبْلَةً وَأَكْثَرُهُمْ صَلَاةً أَهْلُهَا قَائِمُونَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا يَكْرَهُونَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» اهـ.
وَكَذَا ضَمَانُهُ لَمَّا غَصَبَ ضَرُورِيٌّ لَا يَشُكُّ فِيهِ مُسْلِمٌ، وَكَذَا اسْتِحْقَاقُهُ الْقِصَاصَ مِنْهُ بِقَتْلِهِ مُؤْمِنًا عَمْدًا عُدْوَانًا مُبَاشَرَةً أَوْ بِإِكْرَاهِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالنُّصُوصُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَالْمُهَادَنَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا فَاسِدَةً مَنْقُوصَةً وَمَا نَسَبْتُمْ لِلْمِعْيَارِ هُوَ كَذَلِكَ فِيهِ وَبَيْعُ الْبَقَرِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ وَكُلِّ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي النَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute