فَقَدْ طَلَّقَ صَوَاحِبَاتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُشْرِفَةَ فَقَدْ طَلَّقَ الْمُشْرِفَةَ اهـ مِنْ ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ، وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك فَهَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ جَائِزٌ كَلَوْ جِئْتَ قَضَيْتُك.
الْخَرَشِيُّ يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ مُمْكِنِ الْوُقُوعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ، وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك، وَإِنَّمَا نُجِّزَ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ، وَلَا يَقْدَمُ عَلَى فَرَجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ لَوْ جَاءَ أَنْ يَقْضِيَهُ، وَأَنْ لَا يَقْضِيَهُ فَحَصَلَ الشَّكُّ اهـ لَكِنْ قَالَ: الْعَدَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَاضٍ جَائِزٌ شَرْعًا كَزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا الشَّيْءُ لَا يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَيْ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٌ شَرْعًا كَقَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك حَيْثُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اخْتَفَى مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ آخَرَ فَأَلْزَمَهُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَأَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ عِنْدَهُ قَتَلَهُ لِجَوْرِهِ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ.
قَالَ: فِي الْمُخْتَصَرِ لَا أَجْنَبِيٍّ الْخَرَشِيُّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى، وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفَ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا قَالَ ظَالِمٌ لِشَخْصٍ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِفُلَانٍ أَقْتُلُهُ، وَهُوَ عِنْدَك، وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا قَتَلْتُ زَيْدًا مَثْلًا فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: فُلَانٌ لَيْسَ عِنْدِي، وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَلَا أَنَا قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَ فُلَانٍ، وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَيَحْنَثُ، وَلَكِنْ يُثَابُ الْحَالِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ أَيْ، وَأُمِرَ نَدْبًا بِالْحَلِفِ كَاذِبًا لِأَجْلِ سَلَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالِهِ، وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْنَثُ، وَيُكَفِّرُ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا اهـ الْعَدَوِيُّ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ مَا عَدَا النَّفْسَ، وَالْوَلَدَ، وَلَوْ أَخًا أَوْ أَبًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَقُتِلَ الْمَطْلُوبُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِالْحَلِفِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ، وَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْيَمِينِ شَدِيدٌ، وَحَرِجٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الشَّهَادَةِ، وَنَحْوِهَا نَعَمْ إنْ دَلَّ الظَّالِمَ ضَمِنَ، وَقَالَ: اللَّقَانِيُّ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا غُرْمُ الصَّدَاقِ، وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَرْكُ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute