مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَأَرْمِيَنَّكِ فِي الْبَحْرِ فَهَلْ إذَا رَمَاهَا فِي نَهْرٍ صَغِيرِ يَبَرُّ أَوْ رَمَاهَا فِي حَافَّةِ الْبَحْرِ يَبَرُّ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ نَوَى حِينَ يَمِينِهِ رَمْيَهَا فِي نَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ حَافَّةِ الْبَحْرِ بَرَّ بِهِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا نِيَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَهِيَ تُعْتَبَرُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، وَالْقَضَاءِ فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ، وَالْعِتْقَ الْمُعِينَ، وَإِنْ نَوَى، وَسَطَ الْبَحْرِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَهِيَ لَا تُحْسِنُ الْعَوْمَ لَمْ يَبَرَّ بِذَلِكَ، وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ قَبْلَ التَّنْجِيزِ.
الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ يُنْجَزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَتَجَزَّأَ، وَيَفْعَلَهُ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ بِاَللَّهِ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ إلَخْ فَلِيُكَفِّرْ، وَلْيَمْشِ، وَلْيُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ اجْتَرَأَ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ زَالَتْ أَيْمَانُهُ فِيهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُحَرَّمٍ أَيْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ أَقَبْضَهُ إيَّاهُ فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَهَلْ يَحْنَثُ كُلُّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَحْنَثُ كُلُّ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ عَلَى يَقِينٍ أَفْتُونَا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَحْنَثُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ مُتَيَقِّنًا مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَانِثًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكَلَّفُ إلَّا بِيَقِينِ نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَدِينَ إنَّ ادَّعَى مُمْكِنًا كَهِلَالٍ لَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى حَالِفَيْنِ تَنَاقَضَا كَطَائِرٍ يَقُولُ هَذَا غُرَابٌ، وَهَذَا حِدَأَةٌ، وَطَلَّقَ عَلَى غَيْرِ الْجَازِمِ كَزَوْجَتِي مُتَنَاقِضٌ بِهِمَا اهـ قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: قَوْلُهُ مُمْكِنًا أَيْ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ حَالَ الْحَلِفِ بِخِلَافِ قَلْبِ اللَّوْزَةِ قَوْلُهُ تَنَاقُضًا، وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مُخَاطَبٌ بِيَقِينِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ يَقِينُ غَيْرِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ حَلِفُ الرَّجُلِ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ قُلْتَ لِي كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ مَا قُلْتُ لَك، وَحَلِفُهُ أَنَّ فُلَانًا يَعْرِفُ أَنَّ لِي حَقًّا فِي كَذَا فَيَحْلِفُ الْآخَرُ لَا يَعْرِفُ، وَحَلِفُهُ لَقَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَحَلَفَ الْآخَرُ مَا دَخَلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ تَنَاقُضَهُمَا فِي شَاةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَحْمَهَا زِنَةُ كَذَا، وَالْآخَرُ خِلَافَهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحْقِيقُ لِإِمْكَانِ الْحَزْرِ فِي ذَلِكَ كَتَخْرِيصِ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ كَقَلْبِ اللَّوْزَةِ، وَيَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إذَا تَنَاقَضَا فِي نَخْلَةٍ صَغِيرَةٍ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى هَلْ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ حَالًا اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ، وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفْتِي بِرَدِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِزَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ مُتَحَيِّلًا فِي ذَلِكَ إمَّا بِفَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِغَضَبِ الزَّوْجِ عِنْدَ طَلَاقِهِ لَهَا أَوْ يَكُونُ الْبَيْتُ الْمَحْلُوفُ لِأَجْلِهِ شَرِكَةً بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَنِدَاتِ وَالتَّحَيُّلَاتِ الْخَارِجَةِ عَنْ الدِّينِ الْقَوِيمِ فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْإِفْتَاءِ حَتَّى يَظْهَرَ صَلَاحُهُ، وَاتِّبَاعُهُ لِلْحَقِّ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُ الْمَشَايِخِ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذَا الْمُفْتِي ضَالٌّ مُضِلٌّ فَعَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَزَجْرُهُ، وَتَعْزِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْمُفْتِي مَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَلَّامَةُ الْوَقْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute