مِنْ مَنْعِهِ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَمِنْ الزَّجْرِ، وَالتَّعْزِيرِ اللَّائِقَيْنِ بِحَالِهِ، وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعُ هَذَا الضَّالِّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِحَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ هَذَا فَانْظُرْهُ أَوَّلَ الْبَابِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ رَاجَعَهَا قَبْلَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَمَكَثَ مَعَهَا مُدَّةً، وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ كِسْوَةٍ، وَمُؤْنَةٍ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِالْحُرْمَةِ.
فَأَجَابَ سَيِّدِي أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: إذَا رَاجَعَهَا بِفَتْوَى رَجُلٍ مُضِلٍّ فَهِيَ شُبْهَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَالنَّفَقَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَبْرَأَتْهُ زَوْجَتُهُ فَقَالَ: لَهَا رُوحِي سِتِّينَ أَوْ أَنْت بِالثَّلَاثِ مَاذَا يَلْزَمُهُ.
فَأَجَابَ الْأُسْتَاذُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت مِنْ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الصَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ فَأَسَاءَتْ عِشْرَتَهُ، وَضَرَبَتْهُ، وَشَتَمَتْهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُ طَلَاقَهَا فَامْتَنَعَ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا طَائِعَةً مُخْتَارَةً لَا عَنْ ضَرَرٍ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِقَدْرِ الصَّدَاقِ فَهَلْ بَرَاءَتُهَا صَحِيحَةٌ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ تُمْنَعُ قَهْرًا عَلَيْهَا، وَإِذَا قَهَرَهُ قَائِمُ مَقَامِ الْبَلَدِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقِيهٌ وَثِيقَةً بِالصُّلْحِ عَلَى أَلْفٍ فِضَّةٍ يَدْفَعُهُ لَهَا يَكُونُ الصُّلْحُ بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا دَفَعَ شَيْئًا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى قَائِمِ مَقَامِ الْبَلَدِ جَبْرُهُ عَلَى الصُّلْحِ، وَعَلَى الْفَقِيهِ إعَانَتُهُ عَلَى ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الطَّحْلَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ إسَاءَةُ عِشْرَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَضَرْبِهَا، وَشَتْمِهَا، وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ مِنْهُ لَا عَنْ ضَرَرٍ لَحِقَهَا مِنْهُ، وَامْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَحَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا بِاخْتِيَارِهَا، وَطَوْعِهَا فَلَيْسَ لَهَا رُجُوعٌ فِيمَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ خُصُوصًا، وَعِنْدَهَا عِلْمٌ بِالْقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ، وَالطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ صَحِيحَانِ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ بِالْقَهْرِ عَلَيْهِ بِالْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ شَرْعًا، وَجَمِيعُ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ أَوْ غَيْرَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَى الْفَقِيهِ إعَانَةُ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُطَلِّقِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ النَّفْرَاوِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَصَافِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ الْحَنَفِيِّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ عَلَى بَرَاءَةٍ مِنْهَا لَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى فَقِيهٍ فَسَأَلَهُ هَلْ طَلَّقْت وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ: طَلَّقْت ثَلَاثًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا قَبْلَ زَوْجٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ بِمُوجِبِ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ بِالثَّلَاثِ مُعْتَقِدًا وُقُوعَ ذَلِكَ