للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ مُجْمَعٌ عَلَى فَضْلِهِ، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لَمَّا بَلَغَتْهُ وَفَاتُهُ مَا تَرَكَ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ إمَامٌ وَمَالِكٌ عَالِمُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَالِكٌ حُجَّةٌ فِي زَمَانِهِ وَمَالِكٌ سِرَاجُ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا كُنَّا نَتَّبِعُ آثَارَ مَالِكٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَالِكٌ أُسْتَاذِي وَعَنْهُ أَخَذْت الْعِلْمَ وَمَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ مِنْ مَالِكٍ وَجَعَلْت مَالِكًا حُجَّةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ الثَّاقِبُ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مَبْلَغَ مَالِكٍ فِي الْعِلْمِ لِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَصِيَانَتِهِ وَقَالَ الْعِلْمُ يَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.

وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَانَ إذَا ذَكَرَهُ قَالَ عَالِمُ الْعُلَمَاءِ وَعَالِمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمُفْتِي الْحَرَمَيْنِ، وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ الْوَلِيدِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ وَلَا بَاقِيَةٍ مِنْكَ يَا مَالِكُ انْتَهَى.

وَثَنَاءُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِ لَا يُحْصَى وَالْبَحْرُ لَا تَنْزَحُهُ الدِّلَاءُ فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يُشَارُ إلَيْهِمْ بِجَهْلٍ وَلَا يُتَّهَمُونَ بِكَذِبٍ فَمَنْ ادَّعَى خِلَافَ مَا لَوْ كَانَ خَارِقًا لِإِجْمَاعِهِمْ وَكَذَّبَهُ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ نَعَمْ يُخَرِّجُ الْإِمَامُ فِي الْمُوَطَّأِ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَسْأَلَةُ الْمُرْسَلِ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ تَابِعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْقِطًا الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا اصْطِلَاحُ الْأُصُولِيِّينَ، وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ فَهُوَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَالْآمِدِيُّ مُطْلَقًا قَالُوا لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُسْقِطُ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا وَهُوَ عَدْلٌ عِنْدَهُ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ تَلْبِيسًا قَادِحًا فِيهِ وَقُدِّمَ إنْ كَانَ الْمُرْسَلُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ ثُمَّ هُوَ أَضْعَفُ مِنْ الْمُسْنَدِ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَالصَّحِيحُ رَدُّهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي قَالَ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ فَإِنْ كَانَ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ كَابْنِ الْمُسَيِّبِ قِيلَ هُوَ مُسْنَدٌ حُكْمًا لِأَنَّ إسْقَاطَ الْعَدْلِ كَذِكْرِهِ وَإِنَّ عَضُدَ مُرْسَلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ ضَعِيفٌ يُرَجَّحُ كَقَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ الْأَكْثَرِ أَوْ إسْنَادٍ أَوْ إرْسَالٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ انْتِشَارٍ أَوْ عَمَلِ الْعَصْرِ كَانَ الْمَجْمُوعُ حُجَّةً وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ لَا مُجَرَّدَ الْمُرْسَلِ وَلَا الْمُنْضَمِّ فَإِنْ تَجَرَّدَ وَلَا دَلِيلَ سِوَاهُ فَالْأَظْهَرُ الِانْكِفَافُ لِأَجْلِهِ انْتَهَى بِبَعْضِ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمُحَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأُصُولِيِّ مَسْأَلَةُ الْمُرْسَلِ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَالِثُهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ أَسْنَدَ غَيْرُهُ أَوْ أَرْسَلَ وَشُيُوخُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ عَضَّدَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ أَوْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَوْ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يُرْسَلُ إلَّا عَنْ عَدْلٍ قُبِلَ وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا.

لَنَا أَنَّ إرْسَالَ الْأَئِمَّةِ مِنْ التَّابِعِينَ كَانَ مَشْهُورًا مَقْبُولًا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ كَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ خَارِقًا قُلْنَا خَرْقُ الْإِجْمَاعِ الِاسْتِدْلَالِيِّ أَوْ الظَّنِّيِّ لَا يَقْدَحُ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عِنْدَهُ لَكَانَ مُدَلِّسًا فِي الْحَدِيثِ قَالُوا لَوْ قُبِلَ لَقُبِلَ مَعَ الشَّكِّ لِأَنَّهُ لَوْ سُئِلَ لَجَازَ أَنْ لَا يَعْدِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>