الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ يَصِيرُونَ فِي سِتْرِ اللَّهِ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُذْكَرَ مِنْ عُيُوبِهِمْ إلَّا مَا فِيهِ نَصِيحَةٌ لِلْأُمَّةِ لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَمْرِ بِذِكْرِ مَحَاسِنِ الْأَمْوَاتِ وَالْكَفِّ عَنْ مَسَاوِيهِمْ فَكَيْفَ نَتْرُكُ الْمَحَاسِنَ وَنَخْتَرِعُ عُيُوبَ مَنْ لَا عَيْبَ فِيهِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَأَعْلَامِ الْمُجْتَهِدِينَ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَرِقَّةُ الدِّيَانَةِ وَغَلَبَةُ الْجَهْلِ تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. هَذَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَدَارُ مَذْهَبِهِ عَلَيْهَا هِيَ مَا فِي مُوَطَّئِهِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ وَشَهَادَةُ هَذَا الْإِمَامِ لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إلَى شَيْءٍ وَلَا يُعَادِلُهَا شَيْءٌ وَلَا يُلْتَفَتُ لِغَيْرِهَا إنْ وُجِدَ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ لَوْ حَلَفَ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَحَادِيثِ مَالِكٍ الَّتِي فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهَا صِحَاحٌ كُلُّهَا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى حَدِيثِ غَيْرِهِ كَانَ حَانِثًا اهـ.
نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدِّيبَاجِ وَالْبَرْزَلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ عِيَاضٍ فِي الْمَدَارِكِ وَالْحَطَّابِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، أُنْشِدَ فِي الدِّيبَاجِ لِعِيَاضٍ
إذَا ذُكِرَتْ كُتُبُ الْحَدِيثِ فَحَيْهَلٍ ... بِكُتُبِ الْمُوَطَّأِ مِنْ تَصَانِيفِ مَالِكِ
أَصَحُّ أَحَادِيثَ وَأَثْبَتُ حُجَّةً ... وَأَوْضَحُهَا فِي الْفِقْهِ نَصًّا لِسَالِكِ
عَلَيْهِ مَضَى الْإِجْمَاعُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ... عَلَى رَغْمِ خَيْشُومِ الْحَسُودِ الْمُمَاحِكِ
فَعَنْهُ فَخُذْ عِلْمَ الدِّيَانَةِ خَالِصًا ... وَمِنْهُ اسْتَفِدْ شَرْعَ النَّبِيِّ الْمُبَارَكِ
وَشُدَّ بِهِ كَفَّ الصِّيَانَةِ تَهْتَدِي ... فَمَنْ حَادَ عَنْهُ هَالِكٌ فِي الْهَوَالِكِ
اهـ.
وَفِي الدِّيبَاجِ أَيْضًا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لِأَبِي زُرْعَةَ فِي أَحَادِيثِ مَالِكٍ لَيْسَ هَذَا زَعْزَعَةً عَنْ زَوْبَعَةٍ إنَّمَا تَرْفَعُ السِّتْرِ وَتَنَظُّرٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ.
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَصَحُّ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ثُمَّ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ مَالِكٍ وَقَالَ مَرَاسِيل مَالِكٍ أَصَحُّ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَمَالِكٌ أَصَحُّ النَّاسِ مُرْسَلًا، وَقَالَ شُعَيْبٌ إذَا قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي فَهُوَ إسْنَادٌ قَوِيٌّ وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ الْحَدِيثَ وَيَنْظُرَ فِي الْفِقْهِ حَدِيثُ مَنْ يَكْتُبُ وَفِي رَأْيِ مَنْ يَنْظُرُ؟ فَقَالَ: حَدِيثُ مَالِكٍ وَرَأْيُ مَالِكٍ وَقَدَّمَهُ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَحَمَّادٍ وَالْحَكَمِ فِي الْعِلْمِ، وَقَالَ هُوَ إمَامٌ فِي الْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَتْبَعُ مِنْ سُفْيَانَ وَإِذَا رَأَيْت الرَّجُلَ يُبْغِضُ مَالِكًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ مَالِكٌ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute