للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(سُؤَالٌ) عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ الْمَفَاسِدُ، وَضَلَّ فِيهِ مَنْ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَزِمَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقَعَ طَلَاقٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَأَرْدَفَ الزَّوْجُ طَلَاقًا، وَسَأَلَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَفْتَاهُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ طَلَاقٌ بَائِنٌ، وَالْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَصَارَ كُلُّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يَتَحَيَّلُ بِالرِّدَّةِ إمَّا مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ لِأَجْلِ عَدَمِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ فَهَلْ هَذَا فَاسِدٌ، وَإِفْتَاؤُهُمْ بِهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْمَذْهَبِ، وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ لَاحِقًا أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا فَاسِدٌ، وَإِفْتَاؤُهُمْ بِهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ فِيهَا قَوْلٌ بِأَنَّهَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، وَقَوْلٌ بِعَوْدِ الْحِلِّ بِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ لِلْإِسْلَامِ فَيُرْتَدَفُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ حَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا طَلَاقٌ بَائِنٌ مُرَاعَاةً لِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَاسْتِحْسَانًا، وَاحْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ إذَا كَانَ الْإِرْدَافُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُمْ الْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَسَقًا مَخْصُوصًا بِالْمُتَّفَقِ فِيهِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ، وَقَوْلُهُمْ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ، وَجَوَابُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ صِيغَةٍ خَالِصَةٍ، وَالْمُتَحَيِّلُ بِالرِّدَّةِ عَلَى إسْقَاطِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يُفِيدُهُ تَحَيُّلُهُ، وَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِبَقَاءِ الْيَمِينِ، وَلُزُومِ الثَّلَاثِ إذَا حَنِثَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَنَصُّهُ، وَأُسْقِطَتْ مُطْلَقُ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَرْتَدَّ لِذَلِكَ فَيُعَامَلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي خَفِيرٍ بِبَلْدَةٍ تَعَلَّقَ الدِّيوَانَ فَقَالُوا لَهُ: بِتْ عَلَى الْحَاصِلِ الَّذِي فِيهِ الْمَسْجُونُونَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا أَبِيتُ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِ الْمَسْجُونِينَ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ فَبَعْدَ مُدَّةٍ بَاتَ عَلَى الْحَاصِلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ بَاتَ مُكْرَهًا لِعِلْمِهِ بِالْإِكْرَاهِ حَالَ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ خَدَّامَ الدِّيوَانِ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ مَا يُؤْمَرُ بِهِ يُكْرَهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي وَلَدٍ تَشَاجَرَ مَعَ أَبِيهِ مِنْ جِهَةِ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: الشَّيْءُ لَك، وَلِإِخْوَتِكَ فَقَالَ لَهُ الْوَلَدُ: أَنْتَ لَمْ تُبْقِ فِي الدَّارِ شَيْئًا، وَحَلَفَ الْوَلَدُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنَّهُ لَا يُشَارِكُ إخْوَتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَتَاعِ أَبِيهِمْ فَهَلْ إذَا فَرَضَ لَهُ أَبُوهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ يُعْطِيهَا لَهُ مِنْ الْمَتَاعِ لِمَعَاشِهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَبَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ إنْ قَاسَمَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ مَا الْحُكْمُ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْوَلَدِ الطَّلَاقُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ مِنْ مَتَاعِ أَبِيهِ لِتَخْصِيصِ الْبِسَاطِ، وَالْعُرْفِ يَمِينُهُ بِالْمُشَارَكَةِ مَجَّانًا، وَإِنْ قَاسَمَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ فِي مَتَاعِهِ حَنِثَ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>