مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ إبْرَاءِ أَبِي الزَّوْجَةِ الْبَالِغَةِ، وَالْتِزَامِهِ حَقَّ بِنْتِهِ إنْ طَلَبَتْهُ فَهَلْ إذَا طَلَبَتْهُ يَلْزَمُ الْأَبُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ إذَا قَامَتْ بِأَخْذِ حَقِّهَا يَلْزَمُ، وَالِدَهَا دَفْعُهُ لَهَا، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ شَيْءٌ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ إنْ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مِنْ الْأَبِ بِلَا إذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ أَيْضًا.
الثَّانِي أَنْ لَا يَثْبُتَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ كَانَ يُضَارِرُهَا فَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِأَبِيهَا فِي الْإِسْقَاطِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ بِشَيْءٍ كَمَا يُفِيدُ الْمُخْتَصَرُ، وَشُرَّاحُهُ، وَغَيْرُهَا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ شَقَّتْ ثَوْبَهَا، وَقَالَتْ خَرَجَتْ مِنْ دِينِهَا فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا، وَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَفْتَى مَالِكِيٌّ بِرِدَّتِهَا، وَعَدَمِ لُحُوقِ الثَّلَاثِ قَائِلًا، وَقَوْلُ الْأَمِيرِ الْخُرُوجُ عَنْ الدِّينِ يَحْتَمِلُ الْخُرُوجَ عَنْ كَمَالِهِ بِالْفِسْقِ لَا تَحْسُنُ إرَادَتُهُ إلَّا مِنْ عَارِفٍ، وَالنِّسَاءُ لَا يَعْقِلْنَ شَيْئًا فَكُلُّ مَنْ نَطَقَتْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لَا تَقْصِدُ بِهَا إلَّا الْكُفْرَ، وَقَوْلُهُمْ: الطَّلَاقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يَلْزَمُ مَا أُرْدِفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْعِصْمَةِ بِهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا أَوْجَبَتْهُ فَهَلْ مَا أَفْتَى بِهِ صَحِيحٌ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الرِّدَّةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ بِشَقِّ الثَّوْبِ، وَالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ لِاحْتِمَالِهِ لَهَا، وَلِغَيْرِهَا كَمَا بَيَّنَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَمِيرُ، وَالشَّقُّ، وَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ لَا يَقَعَانِ إلَّا مِنْ غَيْرِ عَارِفٍ نَاقِصِ عَقْلٍ وَدِينٍ فَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِهِ مَسْخٌ، وَتَحْرِيفٌ، وَجَهْلٌ مَرْكَبٌ بِخَطَرِ الرِّدَّةِ، وَعَلَى فَرْضِ تَحَقُّقِ الرِّدَّةِ بِمَا ذُكِرَ فَفِيهَا الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا فَيُرْتَدَفُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَعَلَى فَرْضِ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا بَائِنٌ فَالطَّلَاقُ هُنَا نَسَقٌ فَيُرْتَدَفُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ الطَّلَاقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إلَخْ كَذِبٌ مَحْضٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ حِلَّ الْعِصْمَةِ إلَخْ لَا يَنْتِجُ فَلَا يَحْكُمُ بِرِدَّةِ الْمَرْأَةِ إلَّا إنْ قَصَدَتْهَا، وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَقَعَ عَلَيْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفَتْوَى هَذَا الْمُفْتِي بَاطِلَةٌ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ خَالَعَ زَوْجَتَهُ، وَأَرَادَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَامْتَنَعَتْ فَضَرَبَهَا أَخُوهَا بِيَدِهِ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَسَكَتَتْ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، وَعَقَدُوا عَلَيْهَا، وَوَلَدَتْ مِنْهُ، وَلَدَيْنِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَاسْتَفْتَى رَجُلًا فَأَفْتَاهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ لِكَوْنِ الْعَقْدِ بَعْدَ الْخُلْعِ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَاهِ، وَقَالَ: إنَّ الْوَلَدَيْنِ، وَلَدَا زِنًا فَهَلْ مَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ مَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ الْمَذْكُورَ يَسِيرٌ، وَالضَّرْبُ الْيَسِيرُ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا إلَّا فِي حَقِّ شَخْصٍ ذِي مُرُوءَةٍ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ أَشْرَافًا أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالضَّرْبُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَشْرَافِ، وَذَوِي الْمُرُوآتِ فَهِيَ طَائِعَةٌ لَا مُكْرَهَةٌ، وَالْعَقْدُ عَلَيْهَا صَحِيحٌ فَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَزِمَ الزَّوْجَ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ بِشُرُوطِهِ، وَالْوَلَدَانِ ثَابِتَا النَّسَبِ لِلزَّوْجِ بَلْ عَلَى فَرْضِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوءَةِ، وَأَنَّهُ حَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ ضَرْبَهَا، وَتَحَقَّقَ إكْرَاهُهَا بِهِ لَكَانَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَازِمًا لِلزَّوْجِ أَيْضًا، وَالْوَلَدَانِ مَنْسُوبَيْنِ لَهُ لِإِجَازَةِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ، وَرِضَاهَا بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَقَدْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute