ذُو الشَّكِّ فِي الْحِنْثِ بِلَا مُسْتَنَدٍ ... لَا أَمَرَ لَا جَبْرَ اتِّفَاقًا قُيِّدَ
لَا جَبْرَ بَلْ يُؤْمَرُ مَنْ يَسْتَنِدُ ... بِالِاتِّفَاقِ قَالَ مَنْ يُعْتَمَدُ
مَنْ شَكَّ فِي الْحِنْثِ وَفِي أَنْ حَلَفَا ... لَا جَبْرَ بَلْ فِي أَمْرِ هَذَا اُخْتُلِفَا
ثُمَّ الَّذِي فِي جَبْرِهِ يُخْتَلَفُ ... ذُو الْمَشْي وَالْعَدَدِ وَذُو الْحَيْضِ اعْرِفُوا
ذُو الشَّكِّ فِي الزَّوْجَةِ فِعْلَ أَمْسِ ... بِالِاتِّفَاقِ أَجْبُرُهُ دُونَ لُبْسِ
أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ ضَرَبَ، وَلَدُهُ امْرَأَةً فَاشْتَكَتْهُمَا لِظَالِمٍ يَتَجَاوَزُ الْأَدَبَ الشَّرْعِيَّ تَجَاوُزًا فَاحِشًا فَأَنْكَرَ فَهَدَّدَهُمَا بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَأَحْضَرَ الْعُدَّةَ أَمَرَ الْوَالِدُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ضَرْبَ وَلَدِهِ الْمَرْأَةَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا الْحَلِفِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: طَلَاقُ الْمُكْرَهِ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ كَانَ الْإِكْرَاهُ إيقَاعَهُ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ أَوْ عَلَى الْيَمِينِ بِهِ سَوَاءً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى فِعْلٍ يَحْنَثُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ فِي الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَكُونُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِمَا يُؤْلِمُ الْبَدَنَ مِنْ الضَّرْبِ، وَالْقَتْلِ، وَالصَّفْعِ لِذِي الْمُرُوءَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ التَّخْوِيفُ بِقَتْلِ وَلَدٍ فَإِنْ كَانَ بِقَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَقَوْلَانِ، وَالتَّخْوِيفُ بِالْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: كَوْنُهُ إكْرَاهًا.
وَالثَّانِي: لَيْسَ إكْرَاهًا، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَهُوَ إكْرَاهٌ، وَالْيَسِيرِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا اهـ عَبْدُ الْبَاقِي، وَالْمُتَخَوَّفُ مِنْ وُقُوعِهِ إمَّا حَالًّا أَوْ مَآلًا، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَنْ هُدِّدَ، وَلِمَنْ لَمْ يُهَدِّدْ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا الْحَلِفَ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ بِالْحَلِفِ قَبْلَ الطَّلَبِ، وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إكْرَاهٌ أَيْضًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُبَادِرْ هُدِّدَ، وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ إكْرَاهٍ مُطْلَقًا فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَهُ بِمَا لِلَّخْمِيِّ، وَافَقَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
ابْنُ فَرْحُونٍ وَسُئِلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ رَجُلٍ أَخَذَهُ ظَالِمٌ فَحَلَفَ لَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَلْبَتَّةَ خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ أَوْ ضَرْبِهِ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الظَّالِمُ فَصَدَّقَهُ، وَتَرَكَهُ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي يَمِينِهِ فَقَالَ إنْ كَانَ تَبَرَّعَ بِيَمِينِهِ رَجَاءَ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِكْرَاهِ، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ هُوَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا، وَهُدِّدَ بِضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ، وَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَعِيدٌ بَيِّنٌ تَقَعُ مِنْهُ الْمَخَافَةُ أَوْ خَافَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ.
وَإِنْ اسْتَخْفَى رَجُلٌ عِنْدَ آخَرَ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَرَادَ دَمَهُ أَوْ مَالَهُ أَوْ عُقُوبَتَهُ فِي بَدَنِهِ فَسَأَلَهُ السُّلْطَانُ عَنْهُ فَسَتَرَ عَلَيْهِ، وَجَحَدَ كَوْنَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ: احْلِفْ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَك فَحَلَفَ إنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَدَمِهِ أَوْ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ اهـ.
قَالَ مُطَرِّفٌ: وَسَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ: السِّجْنُ إكْرَاهٌ، وَالْقَيْدُ إكْرَاهٌ، وَالْوَعِيدُ الْمَخْلُوفُ إكْرَاهٌ، وَالرَّهَقُ لَا يَجُوزُ عَلَى صَاحِبِهِ مَعَهُ يَمِينٌ، وَلَا بَيْعٌ، وَقَالَهُ