مِنْهُ إلَّا بِبُعْدِهَا عَنْهُ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَلَهَا التَّمَتُّعُ بِكِسْوَتِهَا أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا أَرَادَ أَخْذَهَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَهُ عَنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا اهـ.
وَيَسْتَمْتِعُ مِنْهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالرَّتْقَاءِ لِعَدَمِ حِلِّ وَطْءِ مَنْ لَا تُطِيقُهُ، وَهُرُوبُهَا مِنْ الزَّوْجِ خَوْفَ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنْ ثَبَتَتْ لَا يُعَدُّ نُشُوزًا لِأَنَّ النُّشُوزَ الِامْتِنَاعُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ إضْرَارُ نَفْسِهِ، وَلَا تُسْلِمُ لَهُ مَا دَامَ يُخْشَى مِنْهُ هَذَا الْأَمْرُ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَخْصٍ كَبِيرٍ لَهُ كَسْبٌ، وَأَخَوَانِ صَغِيرَانِ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، وَلَمَّا بَلَغَا زَوَّجَهُمَا فَهَلْ إذَا طَلَبَا مُقَاسَمَتَهُ فِي الَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَسْبِهِ لَا يُقْضَى لَهُمَا بِذَلِكَ، وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمَا بِالنَّفَقَةِ، وَكُلْفَةِ الزَّوَاجِ يُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُقْضَى لَهُمَا بِمُقَاسَمَةِ أَخِيهِمَا فِيمَا اكْتَسَبَهُ وَحْدَهُ أَمَّا إنْ كَانَا اكْتَسَبَا مَعَهُ فَلَهُمَا مُقَاسَمَتُهُ فِيمَا تَحَصَّلَ فِي اكْتِسَابِهِمْ بِحَسَبِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ أَوْ لَهُمْ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْهُ حِينَ الْإِنْفَاقِ أَوْ عَلِمَهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ مَعَ تَيْسِيرِ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إنْ نَوَاهُ، وَحَلَفَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ إنْ نَوَاهُ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ، وَكَانَ غَيْرَ سَرِفٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُمَا مَالٌ أَوْ لَا. قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِنْ مُعْسِرًا كَمُنْفِقٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إلَّا لِصِلَةٍ، وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَعَلِمَهُ الْمُنْفِقُ، وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ، وَأَفَادَ الْخَرَشِيُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي نَفْيِ السَّرَفِ بِحَالِ الْإِنْفَاقِ، وَأَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمُنْفِقَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يَحْلِفَانِ عَلَى عَدَمِ قَصْدِ التَّبَرُّعِ إنْ لَمْ يُشْهِدَا عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ، وَأَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي رُجُوعِ الْمُنْفِقِ عَلَى صَبِيٍّ مَعَ الْعِلْمِ بِمَالِهِ أَنْ يَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ، وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ سَرَفًا، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَبَ الْمُوسِرَ كَالْمَالِ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِهِ وَبِإِيسَارِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ إلَى حِينِ الرُّجُوعِ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعْتَمَدْ طَرْحُهُ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَلِيًّا عُلِمَ مُلَاؤُهُ أَمْ لَا، وَقَيْدُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ الرَّبِيبِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَأَفَادَ الْعَدَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجَ مُقَابِلُ الصَّغِيرِ، وَأَنَّ الرَّبِيبَ كَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ الْمِعْيَارِ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَنَّ مَحَلَّ حَلْفِ الْمُنْفِقِ عَلَى صَغِيرٍ إذَا لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ: وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ، وَلَوْ مُعْسِرًا، وَحَلَفَتْ إنْ لَمْ تُشْهِدْ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِتَرْجِعَ كَمُنْفِقٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ تَشْبِيهٌ تَامٌّ كَالصَّغِيرِ إنْ عَلِمَ الْمُنْفِقُ أَنَّ لَهُ مَالًا، وَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ، وَبَقِيَ لِلرُّجُوعِ، وَرَجَعَ عَلَى الْأَبِ الْمُوسِرِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ، وَعَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ فَصَارَ يَكْتَسِبُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ إلَى أَنْ رَشَدُوا، وَتَجَدَّدَ لَهُ أَمْتِعَةٌ مِنْ كَسْبِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يُقَاسِمُوهُ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّ أَبَاهُمْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَهَلْ تَسُوغُ لَهُمْ مُقَاسَمَتُهُ، وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوهُ بِأُجْرَتِهِمْ، وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبَهُمْ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ، وَلَهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute