للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجَبْت بِمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنِّي زِدْت فِيهِ، وَلَهُمْ مُحَاسَبَتُهُ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ تَأَخَّرَ عَلَيْهِ مَالٌ لِلدِّيوَانِ فَخَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ، وَكَتَبَ نَفْسَهُ مَعَ عَسْكَرِ الْمَغَارِبَةِ، وَتَوَجَّهَ إلَى الشَّامِ، وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَمَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْقَاهِرَةِ، وَأَرْسَلَ لِزَوْجَتِهِ فَحَضَرَتْ لَهُ وَمَعَهَا وَلَدُهُ وَبِنْتُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَكَسَاهَا وَأَعْطَاهَا وَابْنَتَهَا حُلِيًّا، وَتَوَجَّهُوا إلَى بَلَدِهِمْ، وَأَقَامُوا فِيهَا سَنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا، وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ، وَطَلَبَ مِنْهَا، وَمِنْ بِنْتِهَا الْكِسْوَةَ وَالْحُلِيَّ فَأَبَتْ مِنْ رَدِّهِمَا لَهُ وَطَلَبَتْهُ بِنَفَقَتِهَا وَنَفَقَةِ وَلَدِهِ فِي مُدَّةِ غِيبَتِهِ فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كِسْوَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ مِنْ جُمْلَةِ نَفَقَتِهَا، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا أَوْ لَا بَائِنًا أَوْ لَا، وَمَا أَعْطَاهُ مِنْ الْحُلِيِّ لِلْبِنْتِ يُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا أَعْطَاهُ لِزَوْجَتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَارِيَّةِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّمْلِيكِ، وَوُقُوعُ الْإِعْطَاءِ بَعْدَ طُولِ الْغَيْبَةِ، وَالْمَرْأَةُ تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا، وَتُرَبِّي وَلَدَهَا، وَلَمْ تَفْعَلْ مَا يَفْعَلُهُ شِرَارُ النِّسَاءِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ تَطْلِيقِ نَفْسِهَا وَغَيْرِهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ، وَقَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى قَصْدِ التَّمْلِيكِ فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ بِشَيْءٍ مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ أَقْوَى أَوْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْعَارِيَّةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَاهُ لَهَا مِنْ الْحُلِيِّ، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهَا مُدَّةَ سَفَرِهِ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ أَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَكَتَتْ عَنْ مُطَالَبَتِهِ لِأَجْلِ الْحُلِيِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ غَابَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةً، وَلَمَّا قَدِمَ طَلَبَتْهَا مِنْهُ فَأَبَى فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا أَوْ يُعَدُّ مُضَارًّا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا مُدَّةَ غِيبَتِهِ، وَلَمْ تَسْقُطْهَا عَنْهُ، وَإِنْ طَرَأَ عُسْرُهُ فَلَيْسَ لَهَا التَّطْلِيقُ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا إنْظَارُهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ كَالدَّيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنْ مَنَعَهَا نَفَقَةَ الْحَالِ أَمَّا الْمَاضِيَةُ فَيَنْظُرُ بِهَا كَالدَّيْنِ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْمٍ جَرَتْ عَادَةُ نِسَائِهِمْ بِأَنَّهُنَّ يَمْلَأْنَ مِنْ الْبَحْرِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ السَّاقِيَةِ فَهَلْ إذَا وَقَعَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَشَاجُرٌ لِأَوْلِيَاءِ الزَّوْجَةِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إنْ قَرُبَ الْبَحْرُ أَوْ الْبِئْرُ أَوْ السَّاقِيَةُ مِنْ الْبَيْتِ السَّاكِنَةِ فِيهِ الزَّوْجَةُ فَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهَا مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ فَلَهُمْ مَنْعُهَا مِنْهُ كَمَا لَوْ بَعُدَ مَا ذُكِرَ كَمَا يُفِيدُ مَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ خَلَفًا بَعْدَ خَلَفٍ مِنْ طَحْنِ الزَّوْجَةِ وَعَجْنِهَا وَخَبْزِهَا وَطَبْخِهَا وَغَزْلِهَا وَاسْتِقَائِهَا وَفَرْشِهَا النَّخَّ وَكَنْسِهَا لِلْبَيْتِ فَهَلْ يَنْظُرُ الْقَاضِي لِلْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ أَوْ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ قَوْمٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يَنْظُرُ الْقَاضِي لِلْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ لَا لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ قَوْمٍ مُخَالِفًا لَهَا.

وَحَاصِلُ الْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسَ شَأْنُهُمْ الْخِدْمَةَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا قَادِرًا عَلَى الْإِخْدَامِ فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ إلَّا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ الْخِدْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ الزَّوْجُ مِنْ الْأَشْرَافِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ، وَعَلَى الزَّوْجِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِخَادِمٍ بِمِلْكٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>