إجَارَةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَشْرَافِ، وَالزَّوْجُ فَقِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِخْدَامِ أَوْ كَانَتْ مِنْ اللَّفِيفِ، وَالزَّوْجُ كَذَلِكَ، وَلَوْ مَلِيًّا فَعَلَيْهَا فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ بِئْرٍ فِي الدَّارِ أَوْ خَارِجِهَا أَوْ بَحْرٍ بِشَرْطِ الْقُرْبِ، وَالِاعْتِيَادِ فِي الِاسْتِقَاءِ، وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ لَهَا أَوْ لَهُ إنْ اُعْتِيدَتْ، وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ، وَلَوْ اُعْتِيدَتْ وَمِثْلُهَا الْغَسْلُ، وَلَا يَلْزَمُهَا التَّكَسُّبُ بِنَحْوِ غَزْلٍ وَنَسْجٍ وَخِيَاطَةٍ، وَلَوْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لَأَنْ يَخْدُمَهَا زَوْجُهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ بَلْ كَانَتْ مِنْ لَفِيفِهِمْ أَوْ كَانَ زَوْجُهَا فَقِيرَ الْحَالِ، وَلَوْ كَانَتْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْخِدْمَةُ فِي بَيْتِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَطَبْخٍ، وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ الدَّارِ، وَمِنْ خَارِجِهَا إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ الْأَشْرَافِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ أَزْوَاجَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ فَعَلَيْهِ الْإِخْدَامُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ بِخِلَافِ النَّسْجِ وَالْغَزْلِ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَنْسِجَ لِزَوْجِهَا، وَلَا أَنْ تَغْزِلَ، وَلَا أَنْ تَخِيطَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَسَّبَ لَهُ إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ نِسَاءِ بَلَدِهَا، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي الْمُفْلِسِ لَا يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ انْتَهَى. فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ أَشْرَافِ. . . إلَخْ.
وَقَوْلُ الْخَرَشِيِّ، وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَاضِي يَنْظُرُ لِلْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ لَا لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مُخَالِفًا لَهَا كَمَا قُلْت.
قَالَ الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُهُ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ أَيْ لَهُ، وَلَهَا لَا لِضُيُوفِهِ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شَيْخِنَا الْخِدْمَةُ لِأَوْلَادِهِ وَعَبِيدِهِ وَوَالِدَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ مِنْ خَارِجِهَا إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا إلَخْ فِي شَرْحِ الشَّبْرَخِيتِيِّ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ مِنْ بِئْرِ دَارِهَا أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا انْتَهَى قَوْلُهُ، وَلَا أَنْ تَخِيطَ إلَخْ أَفَادَ بَعْضٌ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا، وَأَنَّ خِيَاطَةَ ثَوْبِهِ، وَثَوْبِهَا تَلْزَمُهَا، وَيَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ، وَرَأَيْت مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا غَسْلُ ثِيَابِهِ، وَثِيَابِهَا فَقَالَ بَعْضٌ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي عَلَى الْعَادَةِ، وَالنَّصُّ فِي الْأَبِيِّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فَهُوَ كَالْخِيَاطَةِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ عَدَمِ لُزُومِ الْخِيَاطَةِ اهـ.
وَفِي الْبُرْزُلِيِّ، وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ خِدْمَةِ زَوْجِهَا فَأَجَابَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ خِدْمَةِ بَيْتِهَا شَيْءٌ أَلْبَتَّةَ فِي مَلَائِهِ، وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَزَادَ وَكَانَتْ هِيَ ذَاتَ قَدْرٍ فِي صَدَاقِهَا وَكَثْرَتِهِ فَلَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا مِنْ غَزْلٍ وَغَسْلٍ وَطَبْخٍ وَكَنْسٍ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْدِمَهَا، وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ قَدْرٍ، وَلَيْسَ فِي صَدَاقِهَا مَا يَشْتَرِي بِهِ خَادِمًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا، وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ إنْ كَانَ مَعَهَا فِي الدَّارِ، وَعَمَلِ الْبَيْتِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا مَلِيًّا، وَحَالُهُ مِثْلُهَا أَوْ أَشَقُّ مَا لَمْ يَكُنْ شَرِيفًا مِمَّنْ لَا يَمْتَهِنُ امْرَأَتَهُ فِي خِدْمَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ دُونَهُ فِي الْقَدْرِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا غَزْلٌ، وَلَا نَسْجٌ بِحَالٍ، وَالْفَقِيرُ لَيْسَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا مُطْلَقًا، وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ، وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً كَالدَّنِيَّةِ.
وَعَنْ رَبِيعَةَ يَتَعَاوَنَانِ فِي الْخِدْمَةِ فِي فَقْرِهِمَا ثُمَّ قَالَ، وَكَانَ نِسَاءُ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَخْدُمْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي الْأُمُورِ الشَّاقَّةِ فَرُوِيَ أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute