للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَامِ نِتَاجِ الزَّرْعِ وَسِقَايَتِهِ وَتَنْقِيَتِهِ وَجَمِيعِ عِلَاجِهِ إلَى أَنْ يَمْلِكَهُ لَهُ فَهَلْ هَذَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا قُلْتُمْ بِفَسَادِهِ فَهَلْ يَمْضِي بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَيُقْضَى لِلْمُشْتَرِي بِهِ.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ خُصُوصًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ طَعَامًا لِأَنَّهُ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ، وَلَا يَمْضِي إلَّا إذَا سَلِمَ مِنْ الرِّبَا بِأَنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ غَيْرَ طَعَامٍ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الزَّرْعَ، وَكَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ، وَقَبْلَ الْيُبْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ أَعْطَى نِصْفَ دَابَّةٍ فِي نَظِيرِ كُلْفَتِهَا

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ قَدْرًا أَوْ أَجَلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ عَلَى السَّبْقِيَّةِ، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَاعِدَةِ مَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى حَيَوَانًا بَتًّا مِنْ آخَرَ مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَيَوَانَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ يَمْرَضُ بِمَرَضٍ مَخْصُوصٍ فَيَمُوتُ بِهِ غَالِبًا، وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرِضَ الْحَيَوَانُ بِذَلِكَ الْمَرَضِ، وَمَاتَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَائِعُ غَاشًّا، وَيَضْمَنُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا الْبَائِعُ غَاشٌّ، وَمُدَلِّسٌ لِأَنَّ الْعُيُوبَ فِي الْمَبِيعِ بِحَسَبِ مَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ حُكْمِ الشَّرْعِ فَمَتَى كَانَ الْمَبِيعُ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي لَزَهِدَ فِيهِ أَوْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ بَيَانُهُ فَإِنْ كَتَمَهُ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الْحَيَوَانِ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فِي حَيَوَانَاتِهِ أَمْرٌ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لَزَهِدَ فِيهِ أَوْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ، وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ الْقَدْرَ الَّذِي زَادَهُ ثَمَنُ هَذَا الْمُشْتَرِي الْغَيْرِ الْعَالِمِ بِمَا ذُكِرَ عَلَى ثَمَنِ مَنْ يَشْتَرِي بِهِ عَالِمًا بِهِ تَقْدِيرًا لَا جَمِيعَ الثَّمَنِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ بِأَمْرٍ حَدَثَ لَا بِأَمْرٍ قَدِيمٍ كُتِمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الْأَمِيرِ فَرَاجِعْهُ.

وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ثَوْبِ الْمَيِّتِ بِالْوَبَاءِ، فَأَجَابَ: تَوَهُّمُ كَوْنِهِ عَيْبًا فِي السِّلْعَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَهَرَ وَأَثَّرَ كَرَاهِيَةً فِي النَّفْسِ بِحَيْثُ إذَا ذَكَرَهُ الْبَائِعُ كَانَ ذِكْرُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ بِنَقْصٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ يَزْهَدُ فِي السِّلْعَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْبٌ لِأَنَّ الْعُيُوبَ فِي السِّلَعِ بِحَسَبِ مَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ حُكْمِ الشَّرْعِ انْتَهَى.

وَفِيهِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ إذَا اسْتَشْعَرَ النَّاسُ قَطْعَ السِّكَّةِ، وَحَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي إخْرَاجِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَتْ لِأَحَدٍ فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا هَلْ يُجْبِرُهُ الْقَاضِي أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِسْرَاعُ فِي إخْرَاجِهَا، وَيُلْزِمُ جَبْرًا مَنْ أَبَاهَا، وَعِنْدِي أَنَّهَا تَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ قَضَاءِ الْمِدْيَانِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُفَلِّسُوهُ فَمَنْ يُجِيزُ الْأَخْذَ مِنْهُ خَشْيَةَ التَّفْلِيسِ يُجِيزُ هَذَا، وَمَنْ مَنَعَ يُمْنَعُ هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ إذَا تَحَدَّثُوا فِي تَفْلِيسِهِ فَلَا يَجُوزُ هُنَا إذَا تَحَدَّثُوا فِي قَطْعِهَا إخْرَاجُهَا، وَإِذَا لَمْ يَتَحَدَّثْ يَجُوزُ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى لَطَفَ اللَّهُ بِهِ) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفَ بَهِيمَةٍ لِآخَرَ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِي قَرْنِهَا أَوْ أَوْلَادِهَا، وَبَقِيَتْ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ، وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا فِي لَيْلَةِ حِلَابِ الْمُشْتَرِي نَصِيبَهُ مَعَ شَرْطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّعْيَ وَالسَّقْيَ وَالْعَلْفَ لَهَا وَالْبَيَاتِ بِدَارِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَعْضُ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ ثُمَّ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الْحِلَابَ وَغَيْرَهُ، وَبَقِيَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ يَسْتَبِدُّ بِمَنَافِعِهَا وَنَفَقَتِهَا، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا فَمَنَعَهَا الْبَائِعُ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ فَيَجِبُ فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>