فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَحَيْثُ بَقِيَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَا تَجْدِيدَ عَقْدٍ الْآنَ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ الشَّرْعَ فَلَهُمَا ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ) عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا بَهِيمَةً تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، وَيَصْبِرَ عَلَيْهِ بِنِصْفِهَا فَذَهَبَ، وَاشْتَرَى بِغَيْرِ حَضْرَةِ دَافِعٍ الدَّرَاهِمَ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا لِآخَرَ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ إلَّا النِّصْفَ بِنِصْفِ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ خَائِنٌ فَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ بَاطِلًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إشْهَادُ آخِذِ الدَّرَاهِمِ بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَافِعِ الدَّرَاهِمِ نِصْفَيْنِ يُثْبِتُ نِصْفَهَا لِدَافِعِ الدَّرَاهِمِ فَحَيْثُ ثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ غَيْرَ النِّصْفَ صَارَ لَا مِلْك لِآخِذِ الدَّرَاهِمِ فِي الْبَهِيمَةِ أَصْلًا فَبَيْعُهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِشْهَادِ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ كَذِبِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَيُخَيَّرُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ، وَأَخْذِ نِصْفِ الْبَهِيمَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَيُطَالِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمِ السَّلَفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ يَبِيعُ الرَّجُلُ لِآخَرَ نِصْفَ الْبَهِيمَةِ الصَّغِيرَةِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى النِّصْفَ هُوَ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَى أَنْ تَبْلُغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِمَّا أَنْ تُبَاعَ، وَإِمَّا أَنْ تُتْرَكَ لَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَمُوتَ فَإِنْ بِيعَتْ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَوَّمَا النَّفَقَةَ الَّتِي أُنْفِقَتْ عَلَيْهَا، وَأَخَذَ الْمُنْفِقُ قِيمَةَ نَفَقَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَرَكَهَا لَهُ، وَانْتَفَعَ بِهَا بِقَدْرِ مُدَّةِ النَّفَقَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ لَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَخَافُ مِنْ هَذِهِ الْكُلْفَةِ فَيُعْطِي نِصْفَهَا بِلَا ثَمَنٍ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهَا مَتَى شَاءَ، وَلَا كُلْفَةَ لِصَاحِبِهَا فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِإِنْفَاقِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُجُوعَهُ كَاشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَهُوَ شَرْطٌ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ، وَيُفْسِدُ الْعَقْدَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَعُودُ لَهُ مِثْلَ مَا أَنْفَقَ أَوْ غَلَّةً بِقَدْرِهِ أَوْ أَزْيَدَ، وَحَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْإِنْفَاقِ مَعًا، وَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ فَأَعْلَى مُضِيٍّ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا يَنْوِيه مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنْ اسْتَغَلَّ حُوسِبَ، وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَتَمْضِي بَعْدَهُ بِالْقِيمَةِ، وَيُنْفِقُ كُلٌّ عَلَى حِصَّتِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَأْنِ أُنَاسٍ يَبِيعُونَ الْأَنْعَامَ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِي بَاطِنِهَا غِشٌّ فَهَلْ لَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِرَدِّ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا رَدَّ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ لِلْمَبِيعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْغِشِّ فِيهَا بِوَاسِطَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الرَّدِّ فَهَلْ الْعُرْفُ الْجَارِي بِأَنَّ الْأَنْعَامَ إذَا بِيعَتْ وَظَهَرَ فِيهَا بِالْعَلَامَةِ الْمَذْكُورَةِ غِشٌّ بِالرَّدِّ فِي مِائَةِ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ الْبَيْعِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِلرَّدِّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ لَكِنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِالرَّدِّ بِهِ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَمَنْ تَبِعَهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الرَّدِّ بِهِ الَّذِي يَعْلَمُ بِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ سَيِّدِي خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ شُرَّاحُ مُخْتَصَرِهِ وَسَلَّمُوهُ، وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرُّ قِثَّاءٍ يَعْنِي أَنَّ مَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى وُجُودِهِ إلَّا بِتَغَيُّرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute