دَعْوَى الْإِرَاءَةِ مَا إذَا أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَلَّبَ، وَعَايَنَ أَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَشِّيهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الَّذِي لَا يَخْفَى، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ لَا رَدَّ بِهِ أَصْلًا، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّبْرَخِيتِيِّ، وَأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا هُوَ بِالْعَيْبِ الْخَفِيِّ أَوْ الَّذِي يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ، وَأَنَّهُ فِيهِمَا لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى الْإِرَاءَةِ هَذَا، وَوَطْءُ الْوَلَدِ جَارِيَةَ أَبِيهِ زِنًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ فِي بَابِ السَّرِقَةِ، وَلَا تَكُونُ الْأَمَةُ أَمَّ وَلَدٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ مَالِكُهَا بِوَطْئِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ، وَلَكِنَّهُ عَيْبٌ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُبَيِّنَهُ إذَا أَرَادَ الْبَيْعَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَخٍ، وَبِنْتٍ، وَتَرَكَ نَخِيلًا فَبَاعَ الْأَخُ النَّخِيلَ فَتَوَقَّفَ الْمُشْتَرِي حَتَّى أَذِنَتْ الْبِنْتُ فِي الْبَيْعِ، وَكَتَبَهَا مَعَ عَمِّهَا فِي وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ سَبْعِ سِنِينَ قَامَتْ الْبِنْتُ تُرِيدُ إبْطَالَ الْبَيْعِ، وَأَخْذَ نَصِيبِهَا مَجَّانًا مُحْتَجَّةً بِأَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ فِي الْبَيْعِ حَيَاءً مِنْ عَمِّهَا لِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْعَارِ لِمُخَالَفَتِهَا إيَّاهُ فَهَلْ تُمَكَّنُ إذَنْ مِنْ أَخْذِ مَا يَخُصُّهَا مَجَّانًا، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ لَهَا أَخْذُ الْبَاقِي شُفْعَةً، وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ حَيًّا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ تُمَكَّنُ إذَنْ مِنْ أَخْذِ مَا يَخُصُّهَا مَجَّانًا، وَلَهَا أَخْذُ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ حَيًّا، وَعَزَا هَذَا الْعَلَّامَةُ السَّلْجِمَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَا عَنْ نَوَازِلِ الْمَازُونِيِّ.
وَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ لُبٍّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ هِلَالٍ، وَصَاحِبُ الْمِعْيَارِ: وَنَصُّهُ الْأَوَّلُ يَعْنِي مِنْ التَّنْبِيهَاتِ مَنْ وَهَبَ هِبَةً ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ حَيَاءً فَظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَا أَوَّلًا عَنْ نَوَازِلِ الْمَازُونِيِّ أَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ فِي الرُّجُوعِ، وَكَذَا ظَاهِرُ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ لُبٍّ فِي مَسْأَلَةِ أَبَوَيْنِ نَحَلَا ابْنَتَهُمَا كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا مَاتَ الْأَبُ، وَطُولِبَتْ الْأُمُّ بِنِصْفِهَا ادَّعَتْ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ حَيَاءً وَخَجَلًا مِنْ النَّاسِ، وَنَصُّهُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُؤَدِّيَ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى مَا فَهِمُوا مِنْ حَالِ الْأُمِّ فِي خَجَلِهَا، وَعَدَمِ طِيبِ نَفْسِهَا، وَتَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ عِمَارَةَ ذِمَّتِهَا، وَلَا تُعَلِّقُ شَيْئًا مِنْ النِّحْلَةِ بِمَالِهَا انْتَهَى الْغَرَضُ مِنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ هِلَالٍ، وَصَاحِبُ الْمِعْيَارِ فِي النِّكَاحِ، وَاَلَّذِي فِي نَوَازِلِ الْوَصَايَا، وَأَحْكَامِ الْمَحَاجِيرِ عَنْ الْقَاضِي أَيْ الْيَزْنَاسِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَسْأَلَةٍ مَحْجُورٌ وَقَعَ مِنْهُ إبْرَاءٌ بَعْدَ مَوْتِ وَصِيِّهِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ أَرَادَ السَّائِلُ بِلَفْظِ الْإِكْرَاهِ مَا كَانَ بِمَعْنَى الْحَيَاءِ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى، وَكَذَا فِي الدُّرَرِ عَنْ سَيِّدِي سَعِيدٍ الْعُقْبَانِيِّ فِيمَنْ سَلَّمَتْ لِأَخِيهَا فِي مِيرَاثِهَا فَأَنْكَرَتْ، وَادَّعَتْ أَنَّ سُكُوتَهَا عَلَيْهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ كَانَ حَيَاءً وَثَبَتَ التَّسْلِيمُ مِنْهَا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي قَالَ سَيِّدِي سَعِيدٌ الْمَذْكُورُ، وَقَوْلُهَا إنَّمَا سَكَتَتْ حَيَاءً مِنْ أَخِيهَا لَا يَنْفَعُهَا اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَاتَيْنِ النَّازِلَتَيْنِ إنَّمَا فِيهِمَا دَعْوَى الْحَيَاءِ بِلَا دَلِيلٍ فَلِذَلِكَ أُلْغِيَتْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فِيهِ مَا يُصَدِّقُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِسَبَبِ الْحَيَاءِ فَلَا خِلَافَ إذَنْ نَعَمْ وَجَدْت الْخِلَافَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي تَقْيِيدٍ كُنْت قَيَّدْته، وَلَا أَسْتَحْضِرُ الْآنَ أَصْلَهُ الَّذِي قَيَّدْته مِنْهُ، وَنَصُّهُ الَّذِي فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ إذَا أَدْخَلَ الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ لِتَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَأَدْرَكَهَا الْحَيَاءُ وَالْحِشْمَةُ فَوَهَبَتْ لَهُ صَدَاقَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ، وَفِي أَسْئِلَةِ الْقَابِسِيِّ لَا تَرْجِعُ، وَلَا عُذْرَ لَهَا فِي الْحَيَاءِ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ذِي شَوْكَةٍ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَبَاعَهَا بِحَضْرَةِ ابْنِهِ الْبَالِغِ، وَأَبِيهِ وَزَوْجَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute