للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ حَالَ الْعِمَارَةِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الْغَلَّةِ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مَا أَنْفَقَ.

السَّادِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَالْخَامِسَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ سُكُوتَهُمَا حَالَ الْعِمَارَةِ رِضًا مِنْهُمَا بِفِعْلِهِ فَهُوَ كَإِذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمَا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ إنَّمَا سَكَتْنَا لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ مِنَّا أَوَّلًا بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا.

السَّابِعَةُ أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ اشْتِرَائِهِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ عِمَارَتِهِ بَعْدَ مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءً وَاسْتِمْرَارهمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ انْتَهَى.

وَقَدْ لَخَّصَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَمَّرَ أَحَدُهُمْ رَحًى فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَرَجَعَ فِي ذِمَّتِهِمْ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّعْمِيرِ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ فَفِي الْغَلَّةِ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ مَبْدَأٌ انْتَهَى وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ - وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(وَسُئِلَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ أَخَوَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِامْرَأَتَيْنِ وَالْآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ زَوْجُ الْمَرْأَتَيْنِ وَخَلَّفَ وَلَدًا بَالِغًا رَشِيدًا فَطَلَبَ الْقِسْمَةَ مِنْ عَمِّهِ فَادَّعَى عَمُّهُ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا فِي الزَّرْعِ وَأَنَّهُ اسْتَدَانَ لِأَجْلِ الزَّرْعِ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَمِّ لِلشَّرِكَةِ وَالدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْوَلَدِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَتَزَوَّجَ بِهِ زِيَادَةً عَلَى أَبِي الْوَلَدِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا ادَّعَى الْعَمُّ أَنَّ بَعْضَ خَيْلِ الشَّرِكَةِ وَدِيعَةٌ لِشَخْصٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْعَمِّ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا وَأَنَّهُ اسْتَدَانَ لَكِنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا لِلشَّرِيكِ وَلِرَبِّ الدَّيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي شَهَادَتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَلِلْوَلَدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَمِّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَتَزَوَّجَ بِهِ زِيَادَةً عَلَى أَبِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ إلَى حِينِ الْمُنَازَعَةِ مُدَّةٌ وَيَدَّعِي الْعَمُّ رَدَّ مَا أَخَذَهُ لِمَالِ الشَّرِكَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَبْضُهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَكَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا دَعْوَى الْعَمِّ أَنَّ بَعْضَ الْخَيْلِ وَدِيعَةٌ مَثَلًا فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ الشَّرِكَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِدَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ وَلَا عَدَمُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ الْقَرَوِيُّونَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ فَإِنَّ سَمَّى أَهْلَهَا وَادَّعَوْهَا حَلَفُوا وَأَخَذُوهَا كَمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلُوا أَخَذُوا نَصِيبَ الْمُقِرِّ وَأَخَذَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شَرِكَتِهِمَا قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ كَالشَّاهِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا حَلَّفَهُمْ اسْتِبْرَاءً انْتَهَى وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَخٌ وَلَهُمَا طِينُ زِرَاعَةٍ فَاشْتَغَلَ الْأَوْلَادُ وَالْأَخُ بِالزِّرَاعَةِ وَالرَّجُلُ بِسَدَادِ مَطَالِبِ الدِّيوَانِ الْمِيرِيِّ وَدَفْعِ الْخَرَاجِ وَيَأْكُلُونَ مَعَ بَعْضٍ وَلَا مُحَاسَبَةَ بَيْنَهُمْ وَنَشَأَ عَنْ تِلْكَ الزِّرَاعَةِ أَمْوَالٌ وَأَمْتِعَةٌ ثُمَّ إنَّ أَخَا ذَلِكَ الرَّجُلِ مَنَعَ أَوْلَادَ أَخِيهِ مِمَّا نَشَأَ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِلْأَوْلَادِ الْمُقَاسَمَةُ فِيمَا حَدَثَ بِحَسَبِ زِرَاعَتِهِمْ مَعَ الْعَمِّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِكَيْفِيَّةِ النَّظَرِ فِي الْعِبَارَاتِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِ السُّؤَالِ أَنَّ أَخَا ذَلِكَ الرَّجُلِ مَنَعَ أَوْلَادَ أَخِيهِ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ فَهَلْ لِلْأَوْلَادِ إلَخْ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَعَمِّهِمْ وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِالْفِقْهِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الْأَوْلَادِ وَانْتِقَالِ حَقِّهِ لَهُمْ وَعَلَى هَذَا الْفَهْمِ أَجَبْت

<<  <  ج: ص:  >  >>