عَنْ هَذَا السُّؤَالِ مَرَّتَيْنِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِي لِلْأَوْلَادِ مُقَاسَمَةُ أَعْمَامِهِمْ فِيمَا حَدَثَ إلَخْ وَهُوَ جَوَابٌ حَقٌّ صَحِيحٌ إجْمَاعِيٌّ ضَرُورِيٌّ لَا يُعْذَرُ فِي التَّوَقُّفِ فِيهِ إلَّا حَدِيثُ عَهْدٍ تَرَبَّى فِي شَاهِقٍ لَمْ تُقْسَمْ فِيهِ تَرِكَةٌ وَلَا شَرِكَةٌ كَيْفَ وَقِسْمَةُ التَّرِكَاتِ وَالْمُشْتَرَكَاتِ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ وَفِي سَائِرِ الْعَادَاتِ حَتَّى مِنْ الزَّبَّالِينَ فِي كِمَامَةِ الْحَمَّامَاتِ، فَيَا فَضِيحَةَ مَنْ تَوَقَّفَ فِيهَا وَطَلَبَ النَّصَّ عَلَيْهَا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ السَّادَاتِ مَعَ أَنَّ النَّصَّ بِهَا فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْإِرْشَادِ مُرَبِّي الْعَلَامَاتِ، ثُمَّ إنَّ مَنْ تَوَقَّفَ أَذَاعَ أَنَّ أَبَا الْأَوْلَادِ حَيٌّ وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أُعِيدَ عَلَى السُّؤَالِ ثَالِثَةٌ وَلَفْظُهُ كَلَفْظِ الْأَوَّلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ أُفْرِدَ فِيهِ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَجُمِعَا فِيهِمَا وَقَدْ عَلِمْت مَفْهُومَهُ فَيَا عَظِيمَ فَضِيحَتِهِ مِنْ هَذِهِ الْإِذَاعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى خَبَالِ خَيَالِهِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِهِ لِلْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ حَيْثُ تَصَوَّرَ أَنَّ الْحَرَّاثَ أَخَا الثَّوْرِ يَمْنَعُ الْمُمَارِسَ لِلدَّوَاوِينِ وَالْمُجَالِسَ لِلْحُكَّامِ مِنْ حَقٍّ ضَرُورِيٍّ عِنْدَ جَمِيعِ الْأَنَامِ وَعَلَى إرْخَاءِ الْعَنَانِ وَفَرْضِ أَنَّ الْأَبَ حَيٌّ فَالْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ كَلَامٌ مَعَ أَخِيهِ وَلَكِنْ لَا يَسْتَقِلُّ الْأَخُ بِمَا نَشَأَ مِنْ الزَّرْعِ وَيَدْفَعُ لِأَوْلَادِ أَخِيهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِمْ كَمَا تَوَهَّمَهُ وَتَفَوَّهَ بِهِ مَنْ لَا إلْمَامَ لَهُ بِالْفِقْهِ بَلْ يَقْتَسِمُ الرَّجُلُ وَأَخُوهُ مَا نَشَأَ مِنْ الزَّرْعِ بِحَسَبِ شَرِكَتِهِمَا فِي الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ وَالْآلَةِ وَالْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَالْأَخُ يُحَاسَبُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ وَالرَّجُلُ بِعَمَلِ أَوْلَادِهِ وَهَذَا ضَرُورِيٌّ أَيْضًا لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُجْهُورِيِّ الْمَفْهُومَةِ مِنْ لَفْظِ السُّؤَالِ إذْ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُمْ مُقَاسَمَةَ أَخِيهِ مَا اسْتَحَقُّوهَا هُمْ إذْ إنَّمَا يَنْتَقِلُ لَهُمْ بِالْإِرْثِ مَا كَانَ حَقًّا لِأَبِيهِمْ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُمْ إيَّاهَا فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِ أَبِيهِمْ إيَّاهَا عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةٌ بِعَيْنِهَا.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَوُزِّعَ الرِّبْحُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ " مَا " عَامَّةٌ لِعَمَلِ الثِّيرَانِ وَالْآدَمِيِّينَ وَالْآلَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَتَسَاوَيَا.
الْخَرَشِيُّ أَيْ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِحَسَبِ مَا يُخْرِجُهُ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ وَشَرَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، أَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى التَّنْصِيفِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِزَائِدٍ عَمَّا لِلْآخَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ اللَّازِمِ وَهُوَ الْبَذْرُ فَلَا يَضُرُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا التَّبَرُّعَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ مِنْ غَيْرِ رَأْيٍ وَلَا عَادَةٍ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ انْتَهَى.
فَيَا عَظِيمَ فَضِيحَةِ هَذَا الْمُذِيعُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى إذَاعَتِهِ تَصْحِيحُ فَتْوَانَا بِمُوَافَقَتِهَا لِمَا فِي الْمُتُونِ وَبُطْلَانِ فَتْوَاهُ بِمُخَالَفَتِهَا لَهُ هُوَ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ كَيْفَ وَقَدْ أَفْنَى عُمُرَهُ فِي قِرَاءَةِ الْمَتْنِ وَإِقْرَائِهِ فَإِنَّا لِلَّهِ مِنْ زَمَانٍ صَارَ فِيهِ الْحَقُّ الضَّرُورِيُّ غَرِيبًا بَعِيدًا وَالْبَاطِلُ الْفَظِيعُ الشَّنِيعُ مَقْبُولًا قَرِيبًا ثُمَّ بَعْدَ اقْتِسَامِ الْأَخَوَيْنِ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمُعَاوَنَةِ الْأَوْلَادِ أَبَاهُمْ وَعَدَمِ مُشَاحَّتِهِ وَمُحَاسَبَتِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوْلَادِ عَلَى أَبِيهِمْ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِالْجُمْلَةِ الْأَخُ يُقَاسِمُ فِيمَا نَشَأَ بِحَسَبِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ الْأَوْلَادِ وَبَاقِي الْمُخْرَجَاتِ سَوَاءٌ مَاتَ أَبُو الْأَوْلَادِ، أَوْ لَمْ يَمُتْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَخِلَافُهُ خَطَأٌ بِلَا ارْتِيَابٍ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَرِيكَيْنِ فِي بَقَرَةٍ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الدِّيَاسَةِ وَالطَّحْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَرَاضَيَا عَلَى وَضْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَسْتَقِلُّ بِمَنْفَعَتِهَا فِي نَظِيرِ مُؤْنَتِهَا وَإِذَا دَفَعَهَا وَاضِعُ الْيَدِ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute