وَالْإِعْذَارُ إلَى الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ دُونَ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ فِيهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْعَاءُ وَالْيَمِينُ أُعْذِرَ إلَى الَّذِي أَلْقَى ذَلِكَ بِيَدِهِ فَإِنْ ادَّعَى مِدْفَعًا أَجَّلَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلِّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَذَّبَ مَا ثَبَتَ.
وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مِدْفَعًا وَذَهَبَ إلَى الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ فَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ مَا نَصُّهُ أَعْذُرُ إلَى فُلَانٍ وَهُوَ الَّذِي أَلْقَى بِيَدِهِ الْفَرَسَ أَوْ الْجَارِيَةَ أَوْ الثَّوْبَ الثَّابِتَ فِي رَسْمِ كَذَا فِيمَا ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا وَجَبَ أَنْ يُعْذَرَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ لَا مَدْفَعَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا مَقَالَ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فِي كَذَا فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ قُوِّمَ الْمُسْتَحَقُّ وَوُضِعَتْ قِيمَتُهُ عَلَى يَدٍ أَمِينٍ وَأَجَّلَ فِي ذَلِكَ وَدَفَعَ لَهُ الْمُسْتَحَقَّ لِيَرْجِعَ بِهِ وَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي بَاعَ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جَارِيَةً فَلَا تُدْفَعُ لَهُ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا دُفِعَتْ إلَى أَمِينٍ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ يَتَوَجَّهُ بِهَا مَعَهُ يَسْتَأْجِرُهُ هُوَ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَكَذَلِكَ نَفَقَتُهَا فِي ذَهَابِهَا وَرُجُوعِهَا وَأُجْرَةِ حَمْلِهَا هِيَ عَلَى الَّذِي يَذْهَبُ بِهَا وَيُؤَجِّلُ فِي ذَلِكَ أَجَلًا بِقَدْرٍ بَعْدَ الْمَوْضِعِ وَقَرَّبَهُ وَمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ رَجَعَ بِذَلِكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَإِلَّا قَبَضَ الْمَحْكُومُ لَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ جَاءَ بِهَا وَقَدْ نَقَصَتْ فِي بَدَنِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ الَّذِي ثَبَتَتْ لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا أَوْ تَرَكَهَا لَهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ زَادَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا أَيْضًا وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ أَعْلَى قِيمَتِهَا فَإِذَا قُوِّمَتْ فِي بَلَدٍ بِأَرْبَعِينَ وَفِي آخَرَ بِخَمْسِينَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ وَالنَّمَاءُ فِي الْقِيمَةِ لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَتْ فَمُصِيبَتُهَا مِمَّنْ خَرَجَ بِهَا وَلِلْمَحْكُومِ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ تَلِفَتْ الْقِيمَةُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فَمُصِيبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهَا وَفِي سَمَاعِ عِيسَى إنْ ضَاعَتْ الْقِيمَةُ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فَمُصِيبَةُ الدَّابَّةِ مِمَّنْ خَرَجَ بِهَا وَمُصِيبَةُ الدَّنَانِيرِ مِنْ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الدَّابَّةِ، وَإِنْ جَاءَ بِهَا وَقَدْ تَلِفَتْ الْقِيمَةُ فَلَهُ أَخْذُ دَابَّتِهِ وَمُصِيبَةُ الْقِيمَةِ مِنْ صَاحِبِهَا.
وَمَنْ ادَّعَى فِي عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ بِيَدِ آخَرَ الْمِلْكَ وَسَأَلَ تَوْقِيفَهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ ادَّعَى أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ مِنْ يَوْمِهِ وَشِبْهَهُ وَقَفَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَى شُهُودًا حُضُورًا رَأَيْتُ أَنْ يُوقَفَ لَهُ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَنَفَقَتُهُ فِي التَّوْقِيفِ عَلَى الَّذِي يَقْضِي لَهُ بِهِ فَإِنْ قَالَ إنَّ بَيِّنَتَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ وَذَهَبَ إلَى أَنْ يَضَعَ الْقِيمَةَ وَيُعْطِيَ لِيَذْهَبَ بِهِ فَإِنْ قَامَ لَهُ سَبَبٌ مِثْلُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ مَتَاعُهُ أَوْ أَبْقَى لَهُ وَضْعَ قِيمَتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ لِيَذْهَبَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ اسْتَحَقَّ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَغْنَمِ أَخَذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِلَا ثَمَنٍ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ وَكَذَلِكَ مَا أُخِذَ بِأَيْدِي اللُّصُوصِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ فَإِنْ فَدَى مِنْهُمْ شَيْئًا فَعَلَيْهِ فِدَاءُ مَا فَدَى بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهُ أَحَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَ بِهِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُؤَدِّي إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بِاتِّفَاقٍ فَإِنْ قَدِمَ بِهِ مُسْتَأْمَنُونَ فَبَاعُوهُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَاضٍ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْمُسْتَحَقِّ لَهَا وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبُوهُ لِأَحَدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ اعْتَرَفَ رَجُلٌ دَابَّةً فِي يَدِ نَصْرَانِيٍّ قَدِمَ فِي الرُّفْقَةِ فِي الْهُدْنَةِ وَأَثْبَتَهَا الْقَائِمُ بِهَا فَحُكِمَ لَهُ بِهَا ثُمَّ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى ابْنِ رُشْدٍ فَرَأَى أَنَّ الْحُكْمَ خَطَأٌ وَظَهَرَ لِي مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكٌ حَادِثٌ لَهُ وَلِأَنَّهُ صُلْحِيٌّ قَدِمَ بِمَالٍ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْطَى الْجِزْيَةَ.
قَالَ وَنَزَلَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ رَجُلٌ اشْتَرَى رَمَكَةً بِطُلَيْطِلَةَ فَاعْتَرَفَهَا رَجُلٌ مِنْ قُرْطُبَةَ وَكَانَ هَذَا الْمُسْلِمُ قَدْ جَاءَ بِهَا مَعَ النَّصَارَى الَّذِينَ جَاءُوا لِلتِّجَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute