للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَالِ الصُّلْحِ فَاسْتَفْتَانِي فِيهَا فَقُلْتُ يَثْبُتُ أَنَّهَا أُخِذَتْ فِي الصُّلْحِ فَإِنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ أَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَلَا يَأْخُذُهَا وَقَالَ فِي رَجُلٍ أُسِرَ ثُمَّ هَرَبَ فِي اللَّيْلِ بِرَمَكَةٍ سَاقَهَا وَبَاعَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا الَّذِي أَخَذَهَا الْعَدُوُّ لَهُ وَأَثْبَتَهَا فَالْوَاجِبُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ فِيهَا وَيَرْجِعَ بِهِ هُوَ عَلَى الْأَسِيرِ الَّذِي بَاعَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَسِيرَ لَمْ يَمْلِكْ الرَّمَكَةَ وَيَأْتِي هَذَا أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنَّ الْبَيْعَ يُنْتَقَضُ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُصَالِحَ بِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَاسْتَحَقَّ قَلِيلَهُ لَزِمَ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْكَثِيرَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ حَبْسِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي الْعَقْدِ وَبَيْنَ رَدِّهِ لِذَهَابِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ جُلُّ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ كَانَ اسْتَحَقَّ الْقَلِيلَ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ اُنْتُقِضَتْ كُلُّهَا وَرُدَّ بَاقِيهَا لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ قَالَ وَيَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَهَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُعَيَّنِ وَالْعَيْبُ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ إذَا اسْتَحَقَّ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ فَيُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مَعْلُومَةٌ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ فَاسْتُصْحِبَ الْعَقْدُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ. .

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْزِلًا وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى سَبْعِ سِنِينَ وَوَقْتُ تَارِيخِهِ قَامَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ حِصَّةَ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ آلَتْ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ مِنْ عَمَّةِ أَبِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مَجَّانًا وَالْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَهُ الْحِصَّةَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مَجَّانًا وَالْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي عِلْمَهُ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ بِعَامٍ وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ يَتِيمٍ أَعْطَاهُ جَدُّهُ مِنْ أَبِيهِ حِصَّةً مِنْ نَخِيلٍ وَنِصْفَ قِيرَاطٍ مِنْ طَاحُونٍ وَكَتَبَ لَهُ وَثِيقَةً بِذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَاسْتَمَرَّ فِي حِجْرِهِ حَتَّى مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ وَلَدِ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَبِنْتِهَا فَوَضَعَ شَيْخُ النَّاحِيَةِ يَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْحِصَّةِ وَغَيْرِهَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ وَالْوَلَدُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُهْمَلٌ فِي كَفَالَةِ الْأَجَانِبِ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا هَذَا الشَّيْخُ وَأُرْسِلَ الْوَلَدُ لِلنِّظَامِ عِوَضًا عَنْ نَفَرٍ هَرَبَ مِنْ ضَمَانَتِهِ فَلَمْ يَصْلُحْ وَرُدَّ وَمَكَثَ ثَلَاثَ سِنِينَ يَخْدُمُ رَجُلًا مِنْ فَلَّاحِي هَذَا الشَّيْخِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ حِصَّةِ ذَلِكَ الشَّيْخِ وَمَلَكَ أَمْرَ نَفْسِهِ وَعَلِمَ بِمَالِ جَدِّهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ فَادَّعَى الشَّيْخُ أَنَّ جَدَّ الْوَلَدِ مَاتَ وَعَلَيْهِ مَالٌ لِلدِّيوَانِ وَطَالَبَ زَوْجَتَهُ بِهِ فَعَجَزَتْ فَأَقَامَ وَكِيلًا عَنْ هَذَا الْوَلَدِ وَبَاعَ الْوَكِيلُ لَهُ هَذِهِ الْحِصَّةَ وَنَقَدَ لَهُ ثَمَنَهَا وَدَفَعَهُ الْوَكِيلُ فِي الدِّيوَانِ فِيمَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْ جَدِّ هَذَا الْوَلَدِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ مِنْ فَلَّاحِي الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ لَا يَسْتَطِيعُ مُخَالَفَتَهُ فَأَنْكَرَ الْوَلَدُ ذَلِكَ وَقَالَ مَاتَ جَدِّي، وَلَمْ يَكُنْ بِذِمَّتِهِ شَيْءٌ لِلدِّيوَانِ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْبَلَدِ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلدِّيوَانِ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ وَبَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>