فِي التَّهْذِيبِ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ مَالًا فَدَفَعَهُ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ خَادِمِهِ لِتَرْفَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَنْ شَأْنِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ مَا هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ أَوْ رَفَعَهُ فِي صُنْدُوقِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ أَوْ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَهُوَ شِبْهُ الْعَبْدِ وَالْأَجِيرِ فَالزَّوْجَةُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ثُمَّ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَلَوْ لَمْ يَثِقْ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِجَارِيَتِهِ بِمَالِهِ فَرَفَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُمْ ضَمِنَ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِبَارُهُمْ بِمَالِ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَرَفَعَهَا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ مَالَهُ لَضَمِنَ وَعَنْ أَشْهَبَ يَضْمَنُ إذَا أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا بِخِلَافِ مَا وَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَصُنْدُوقِهِ وَنَحْوِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ خِلَافٌ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوِفَاقِ بِمَا إذَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى عَنْهُ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَا فِيهَا اُنْظُرْهَا مِنْ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ وَمَنْ تَأَمَّلَهُ عَلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اعْتِيَادِ الْإِيدَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سَلْمُونٍ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَنَصُّهُ وَمَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَدَفَعَهَا إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ عِيَالِهِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ حِفْظَ أَسْبَابِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ ضَاعَتْ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِ مَنْ يَحْفَظْ أَسْبَابَهُ فَضَاعَتْ ضِمْنَهَا انْتَهَى نَقْلُهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ فَفَتْوَى شَيْخِنَا صَحِيحَةٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ دَفَعَ مَالَهُ بَلَّاصًا مَلْآنَ زَيْتَ زَيْتُونٍ لِيَحْفَظَهُ فَوَضَعَهُ فِي أُوضَةٍ يَسْكُنُهَا مَعَ آخَرَ وَأَرَادَ الْمَالِكُ أَخْذَهُ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرَيْنِ فَوَجَدَهُ فَارِغًا فَقَالَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لَمْ آخُذْهُ، وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ أَخَذَهُ وَرَأَيْتُ الْبَارِحَةَ وِكَاءَهُ مَحْلُولًا وَالْأُوضَةُ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُفْتَحُ مِنْ بَابِهَا الَّذِي يَخْرُجُ لِسُطُوحِ الْوَكَالَةِ وَعَادَتِي وَضْعُ مِفْتَاحِ الْبَابِ الَّذِي يَخْرُجُ لِلدَّوْرِ تَحْتَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ فَارِغًا فَهَلْ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضْمَنُ الزَّيْتَ لِتَفْرِيطِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ حَالَ الْأُوضَةِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ إتْيَانِهِ لِأَخْذِ الزَّيْتِ وَيَسْكُتُ قَالَ الْخَرَشِيُّ قَوْلُ الْمُخْتَصَرِ إلَّا لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَدَثَتْ عَمَّا إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِيدَاعِ وَالْمُودِعُ بِالْكَسْرِ عَالِمٌ بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إيدَاعُهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ ضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ سَوَاءٌ ضَاعَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَضِيعَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ السَّبَبِ الَّذِي خَافَهُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ أَوْدَعَهَا رَجُلٌ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ ثُمَّ أَرَادَتْ سَفَرًا فَوَضَعَتْهَا مَعَ أَمْتِعَةٍ فِي ظَرْفٍ وَأَوْدَعَتْهُ امْرَأَةً أُخْرَى، وَلَمْ تُخْبِرْهَا بِأَنَّ فِيهِ الْأُوقِيَّةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّجُلِ ثُمَّ رَجَعَتْ وَأَخَذَتْ مِنْهَا الظُّرُوفَ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ الْأُوقِيَّةَ فَمَا الْحُكْمُ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ أَمْكَنَ الْمَرْأَةَ الْأُولَى رَدُّ الْأُوقِيَّةِ لِلرَّجُلِ حَالَ شُرُوعِهَا فِي السَّفَرِ وَإِيدَاعِهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ ضَمِنَتْ مِثْلَ الْأُوقِيَّةِ لِلرَّجُلِ لِتَعْلِيمِهَا حِينَئِذٍ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا رَدُّهَا لَهُ حِينَ ذَلِكَ فَتُضَمِّنُهَا أَيْضًا لِتَفْرِيطِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute